نظر واستدلال بالأحوال، وهو حكم عرفناه بالشرع، في موضع ليس ثمة دليل من الأصول الأربعة قائماً كل مقامها، في حق العمل بطريق الضرورة، علي ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من شك في صلاته فلم يدر أثلاثاً صلى أم (?) أربعاً، فليتحر الصواب وليبن عليه". ولما روي أنه قال في رواية لوابصة بن معبد (?): "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات - وفي رواية متشابهات (?) - دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". ولهذا إن خبر الفاسق والصبي العاقل (?) في أمور الدين مبني على تحكيم القلب عند الضرورة. و (?) في أمور المعاملات مقبول من غير تحر. والأفضل أن يحكم رأيه فيه (?) أيضاً، احتياطاً، بخلاف ما نحن فيه، فإن الكلام في حال قيام سائر الحجج، فالحل الثابت (?) بدليله، لا يجوز تحريمه بشهادة القلب، والحرمة الثابتة بدليلها، لا تزول بشهادة القلب.
فأما عند عدم الدلائل (?) الأربعة: [فـ] الإلهام يكون حجة في حق الملهم، لا في حق غيره، والتحري قد لا يكون حجة في الجملة، كما في الفروج (?)، لأن التحري (?) قد يقع خطأ وقد يقع صواباً، والإلهام الذي من الله تعالى لا يكون إلا صواباً وحقاً. فأما (?) الإلهام الذي يكون باطلا، فهو وسوسة الشيطان وتمني النفس، وليس بإلهام حقيقة - فدل على التفرقة بين الأمرين - والله أعلم.