إذا احتججت على من ينفي ما تثبته بالنصوص، كإثبات القدر - إن كنت من المثبتين له - أو إثبات الجنة والنار وما فيهما من الأكل والشرب ونحو ذلك - إن كنت من المثبتين لهـ إذا قال لك منازعك: هذه الظواهر التي احتججت بها قد عارضشها دلائل عقلية وجب تقديمها عليها. فما كان جوابك لهؤلاء كان جواب أهل الإثبات لك.

فإن قلت: ما أثبته معلوم بالاضطرار من الدين.

قال لك: أهل الإثبات للعلو: وهذا معلوم لنا بالاضطرار من الدين.

فإن قلت: أنا لا أسلم هذا لكم.

قالوا لك: ومن نازعك من القرامطة أو الفلاسفة أو المعتزلة لا يسلم لك ما ادعيته من الضرورة " (?) .

ويستمر في هذا الحوار العديب الذي قال فيه شيخ الإسلام: " واعلم أنهل يلس من أهل الأرض إلا من يمكن مخاطبته بهذه الطريق " (?) .

وهذا الباب الذي أبدع شيخ الإسلام في أسلوب عرضه، واستخدامه في الرد على الأشاعرة وغيرهم يفسر - مع غيره من الأوجه - ذلك العداء الشديد والحقد المتراكم عليه في حياته وبعد مماته من جانب أعداد كبيرة من أهل الأهواء أو من أتباعهم المقلدين لهم.

لقك كان شيخ الإسلام -رحمه الله- علماً شامخاً وما استطاع معارضوه أن يجادلوا حجته بالحجة، وإنما لجأؤا إلى الأساليب الملتوية من التشهير وتحريف الكلام مما قد ينع العامة، ولكنه لا يثبت أمام الحجاج بالشرع والعقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015