جـ - أن قول هؤلاء: إن معرفة الصانع ليس لها دليل إلا دليل حدوث الأجسام قول مردود لأن العلماء اختلفوا في معرفة الله، هل تحصل ضرورة أم لا، وقد ساق شيخ الإسلام الخلاف في ذلك (?) ، ونقل أقوال الأشاعرة، وإقرارهم أنها قد تقع ضرورة (?) - ثم قال معلقاً: " فقد تبين أن جمهور النظار من جميع الطوائف يجوزون أن تحصل المعرفة بالصانع بطريق الضرورة، كما هو قول الكلابية والأشعرية، وهو مقتضى قول الكرامية والضرارية، والنجارية والجهمية وغيرهم، وهو قول طوائف أهل السنة من أهل الحديث والفقهاء وغيرهم" (?) . وقال بعد نقل إقرار الشهرستاني بأن معرفة الله تقع ضرورة: " قلت: فهذا كله كلام الشهرستاني، وهو من أئمة المتأخرين من النظار وأخبرهم بالمقالات، وأن الفطرة تشهد بضرورتها وبديهة فكرتها بالصانع الحكيم، إلى آخر ما ذكره، وأن ما تنتهي إليه مقدمات الاستدلال بإمكان الممكنات أو حدوثها من القضايا الضرورية، دون ما شهدت به الفطرة الإنسانية من احتياج الإنسان في ذاته إلى مدبر " (?) .
ولتكملة هذا الموضوع وأهميته في نقض هذا القانون الفاسد الذي زعموه ذكر شيخ الإسلام أن الخلاف وقع في وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة، والذي زعم هؤلاء أنه النظر في دليل الأعراض (?) ، وأيضاً اختلف قوم في النظر هل هو فرض على الأعيان أو على الكفاية (?) ، ثم هل المعرفة تحصل بالسمع أو بالعقل (?) .