وإذا استدلوا على قولهم بمثل قوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} (الأنعام:103) ، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11) ، أو قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) ، ونحو ذلك، لم تكن هذه النصوص هي عمدتهم، ولكن يدفعون بها عن أنفسهم عند المسلمين، وأما الأحاديث فلا حرمة لها عندهم، بل تارة يردونها بكل طريق ممكن، وتارة يتأولونها، ثم يزعمون أن ما وضعوه برأيهم قواطع عقلية، وأن هذه القواطع العقلية ترد لأجلها نصوص الكتاب والسنة إما بالتأويل وإما بالتفويض وإما بالتكذيب " - قال شيخ الإسلام بعد ذكره لهذه الأصول الاعتزالية، مخاطباً الأشاعرة: " وأنتم شركاؤهم في هذه الأصول كلها، ومنهم أخذتموها، وأنت فروخهم فيها، كما يقال: الأشعرية مخانيث المعتزلة، والمتعزلة مخانيث الفلاسفة (?) ،
لكن لما شاع بين الأمة فساد مذهب المعتزلة ونفرت القلوب عنه صرتم تظهرون الرد عليهم في بعض المواضع مع مقاربتكم أو موافقتكم لهم في الحقيقة " (?) ، ثم يذكر شيخ الإسلام بعض الأمور التي شابه فيها الأشاعرة المعتزلة فيقول: " وهم سموا أنفسهم أهل التوحيد لاعتقادهم أن التوحيد هو نفي الصفات، وأنتم وافقتموهم على تسمية أنفسكم أهل التوحيد، وجعلتم نفي بعض الصفات من التوحيد، وسموا ما ابتدعوه من الكلام الفاسد إما في الحكم وإما في الدليل أصول الدين، وأنتم شاركتموهم في ذلك، وقد علمتم ذم السلف والأئمة لهذا الكلام، بل علم من يعرف دين الإسلامن وما بعث الله به نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام ما فيه من المخالفة لكتب الله وأنبيائه ورسله،