وكثيراً ما يردد شيخ الإسلام في كتبه أن السلف ذموا الكلام لما فيه من الباطل المخالف للكتاب والسنة، أو لأن فيه رد بدعة ببدعة (?) .

ومسألة المصطلحات الحادثة سبق بيان منهج شيخ الإسلام فيها (?) ، والذي تعلق بالموضوع هنا ما يذكره بعض أهل الكلام من الأشاعرة ونحوهم من أن السلف من الصحابة وغيرهم وما واجهوا البدع الحادثة والمصطلحات التي جاء بها أهل الفلسفة ومن سلك سبيلهم، وأنهم لو أدركوا هذه المصطلحات لتكلموا فيها كما تكلم فيها المتأخرون، وهذا فيه مغالطة واضحة، ولذلك ناقشه شيخ الإسلام مفصلاً فقال: " قول القائل: " إن الصحابة - رضي الله عنهم - ماتوا وما عرفوا ذلك " (?) ،

فيه تفصيل: وذلك أن هذا الكلام فيه حق وباطل، فأما الباطل فهو مثل إثبات الجوهر الفرد، وطفرة النظام، وامتناع بقاء العرض زمانين، ونحو ذلك، فهذا لا يخطر ببال الأنبياء والأولياء من الصحابة وغيرهم، وإن خطر ببال أحدهم تبين له أنه كذب، فإن القول الباطل الكذب هو من باب مالا ينقض الوضوء، ليس له ضابط، وإنما المطلوب معرفة الحق والعمل به، وإذا وقع الباطل أنه باطل ودفع، وصار هذا كالنهي عن المنكر، وجهاد العدو، فليس كل شيء من المنكر رآه كل من الصحابة وأنكروه، ومع هذا فلا يقطع على كل صحابة بأنهم لم يعرفوا أمثال هذه الأقاويل، ويعرفوا بطلانها، فإنهم فتحوا أرض الشام ومصر والمغرب والعراق وخراسان، وكان بهذه البلاد من الكفار والمشركين والصابئين وأهل الكتاب من كان عنده من كتب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015