المأثور عن الرسول أعظم الناس قياماً بهذه الأصول لا تأخذ أحدهم في الله لومة لائم، ولا يصدهم عن سبيل الله العظائم، بل يتكلم أحدهم بالحق الذي عليه، ويتكلم في أحب الناس إليه.. ولهم من التعديل والتجريح، والتضعيف والتصحيح من السعي المشكور والعمل المبرور، ما كان من أسباب حفظ الدين، وصيانته عن أحداث المفترين، وهم في ذلك على درجات: منهم المقتصر على مجرد النقل والرواية، ومنهم أهل المعرفة بالحديث والدراية، ومنهم أهل الفقه فيه والمعرفة بمعانيه..
ولم يزل أهل العلم في القديم والحديث يعظمون نقلة الحديث حتى قال الشافعي رضي الله عنه: إذا رأيت رجلاً من أهل الحديث فكأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (?) ، وإنما قال الشافعي هذا لأنهم في مقام الصحابة من تبليغ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (?) ". فهذا الإمام العظيم - الشافعي -الذي تنتسب إليه طوائف عظيمة من الأشعرية هو الذي يحمل لأهل الحديث هذه المنزلة، بل إنه يقول فيهم: " لولا أصحاب الحديث لكنا بياع القول " (?) ، وهو الذي يقول لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل وأصحابه: " أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني إن شاء يكون كوفياً أو بصرياً أو شامياً، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً " (?) ، وهؤلاء الذين يقول فيهم الشافعي هذا الكلام ويعترف لهم هذا الاعتراف هم الذي يصمهم بعض الأشعرية بأنهم حشوية.
وأهل الحديث لاشتغالهم بخدمة السنة وروايتها فهم: " أخص بمعرفة ما جاء