ومما سبق يتبين أن الجويني وإن كان قد سبق إلى تأويل الاستواء والوجه واليدين والعين - إلا أن مذهبه فيها تميز بأمرين:
الأول: اختيار تأويل الاستواء بالاستيلاء والملك - كقول المعتزلة - وهذا التأويل بالذات رده شيوخ الأشاعرة ومنهم عبد القاهر البغدادي الذي قال بعد أن رد تأويل المعتزلة بأن الصحيح تأويل العرش على معنى الملك أي أن الملك ما استوى لأحد غيره (?) ، وهذا القول للبغدادي ليس ببعيد من قول المعتزلة، ومع ذلك فلم يجسر على مخالفة شيوخه الذين ردوا تأويل المعتزلة للاستواء، فلما جاء الجويني أزال هذا الحاجز، ورأى أنه لا فرق بين التأويلين، ولذلك نص على تأويل المعتزلة واختاره.
الثاني: التأويل الصريح لصفة الوجه واليدين والعين، مع إلزام الأشاعرة أن تأويلها لازمهم كتأويل الاستواء والنزول.
جـ - قربه من المعتزلة ومذهبهم:
يجمع الباحثون على تأثر الجويني بالمعتزلة أكثر ممن سبقه من الأشاعرة (?) ، وما تقدم - في الفقرة السابقة - دليل واضح على قربه منهم وتأثره بهم، ومن الأدلة والشواهد على ذلك ما يلي:
1- إن الجويني في مسألة كلام الله والقرآن، لما شرح مذهب الأشاعرة، ورد على المعتزلة قال: " واعلموا بعدها أن الكلام مع المعتزلة وسائر المخالفين في هذه المسألة يتعلق بالنفي والإثبات، فإن ما أثبتوه وقدّروه كلاماً فهو في