وهو الذي أذهب إليه، ولست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شىء من هنا، إلا ما كان في كتاب الله عر وجل أو في حديث النبى - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه أو عن التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود ... " (?) .
واشتهر هذا الموقف من علم الكلام ومن المنطق عن أعلام السلف- رحمهم اللهـ وصارت دواوين السنة تذكر كثيرا من الآثار عنهم في موقفهم هذا. بل وصل الأمر في إحدى الحالات أن النساخ كانوا يقسمون أنهم لم ينسخوا كتابا في المنطق (?) .
وموقف السلف من علم الكلام كان لأسباب (?) ، وليس لأنهم عجزوا أو جهلوا أو شغلوا عنه كما يحلو للبعض أن يفسر ذلك، ولا شك أن منهج علم الكلام يقوم على أسس غريبة على المنهج الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وأية محاولة للعودة بالمسلمين إلى الإسلام فلابد أن تكون أولى مسلماته العودة إلى صفاء العقيدة وتخليصها مما ران عليها من شوائب علم الكلام والفلسفة، يقول سيد قطب-رحمه الله- في معرض كلامه عن المنهج الذي يراه في العقيدة: " ولما كانت هناك جفوة أصيلة بين منهج الفلسفة ومنهج العقيدة، وبين أسلوب الفلسفة وأسلوب العقيدة، وبين الحقائق الإيمانية الإسلامية وتلك المحاولات الصغيرة المضطربة المفتعلة التي تتضمنها الفلسفات والمباحث اللاهوتية البشرية.... فقد بدت " الفلسفة الاسلامية- كما سميت - نشازا كاملا في لحن العقيدة المتناسق، ونشأ من هذه المحاولات تخليط كثير، شاب صفاء التصور الإسلامي، وصغر مساحته،