وما فيه من فوضى جعلت موضوع " الجهاد في سبيل الله" الذي هو من أشرف الأعمال وأعظمها صورة نظرية تقرأ في نصوص الكتاب والسنة وأقوال العلماء، أو انحصرت في مسألة واضحة- لا يزال المسلمون يعيشون أحداثها- في جهادهم للنصارى. وقد هيأ الله لهذه الأمة في هذا الوضع رجلاً يقوم بدور كبير في هذا المجال وفي هذه الأحوال، وقد ظهرت مواقف ابن تيمية وجهاده العظيم من خلال مايلي:
أ- توضيح حال التتار، وأنه يجب قتالهم- لاتفاق العلماء على وجوب قتال كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام- ثم بيانه لأحوال التتار وأنه ينطبق عليهم هذا الحكم- وقد تقدم بيان ذلك.
ب- بيان أسباب النصر، وأن التتار- على قوتهم وكثرتهم ورهبة الناس منهم- ليس مستحيلا أو صعبا النصر عليهم متى ما أخذ المسلمون بأسباب النصر من تحكيم الشرع ورفع الظلم ونشر العدل، وإخلاص النية في الجهاد في سبيل اللة، ولذلك نجده في معركة " شقحب " (?) يأمر الناس بالفطر اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح وأفطر معهم، وكذلك لما حض السلطان على الجهاد سأله السلطان أن يقف معه فقال له الشيخ: السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه، ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معهم (?) ، وقبيل المعركة- وابن تيمية يحض على الجهاد- كان يحلف للأمراء والناس: إنكم في هذه الكرة منصورون فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج:60] . (?) .