ƒـ[ينتشر في الآونة الأخيرة في كثير من المنتديات قيام بعض المحسوبين على الالتزام الديني بمناقشة القضايا الشرعية المختلفة، مثل لون الحجاب، وصفته، وإغلاق المحلات أوقات الصلوات، وفتح دور السينما، وقيادة المرأة للسيارة بشكل مفتوح بين عوام الناس. ويبدأ كل واحد يدلي بدلوه بين مؤيد ومعارض ومتحفظ، وكأنها مسابقة مثلاً، بل تصل أن بعضهم يصف ارتداء أخت مسلمة في كندا للعباءة السوداء، وتجمع أهل البلد عليها مستغربين بالمنظر المقزز!! وعندما يرد عليهم أحد يتهمونه بالتشدد، والانغلاق، وعدم تقبل الرأي الآخر، ورغم أن أصحاب هذه النقاشات محسوبون على أهل الدين: غالباً ما تخلو هذه النقاشات من الأدلة الشرعية، أو الاستدلال برأي العلماء، وعندما يناقَشون في الأمر يقولون: إن هذه مجرد آراء شخصية، لا علاقة لها بالفتوى، وما شابه، وأصبحت هذه النقاشات مصدراً للتناحر، والبغضاء بين الشباب الملتزم. فما هو حكم مناقشة القضايا الشرعية في المجالس المفتوحة بين الناس؟ وماذا تقول للقائمين على هذه المنتديات التي يتم بها مثل هذه الأمور؟]ـ
^الحمد لله
أولاً:
ما جاء في السؤال هو من القضايا المهمة التي ينبغي التنبيه عليها، ويمكن أن نقسِّم الأمر إلى مسائل:
المسألة الأولى: النقاش في مسائل شرعية ثابتة بالنص أو الإجماع.
المسألة الثانية: نقاش في مسائل اجتهادية، أدلتها محتملة، وفيها خلاف بين العلماء.
المسألة الثالثة: عرض شيء من قضايا الشرع على التصويت.
أما المسألة الأولى: فيجب أن يُعلم أن ما ثبت فيه نص من القرآن، أو صحَّ فيه دليل من السنَّة، أو أجمع العلماء على القول به، سواء من مسائل الاعتقاد، أو من الفقه: فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يشكك فيها، ولا أن يجعلها عرضة للنقاش، لا بين العلماء وطلبة العلم، ولا - من باب أولى – بين عامة النّاس، وإنما يُدعى الناس للعمل بتلك المسائل، وتبني ما فيها من اعتقاد.
وأما المسألة الثانية: فكثير من المسائل الشرعية وقع فيها خلاف بين العلماء، من حيث أدلتها، أو الاستدلال بها، ومثل هذه المسائل لا بأس بعرضها في المنتديات ليتم النقاش فيها، والتحاور حولها، على أن يكون ذلك وفق ضوابط، وشروط، منها:
1. أن يكون النقاش والتحاور فيها مبنياً على الأدلة وأقوال العلماء، لا بمجرد الهوى أو الرأي الشخصي، فإنه لا يجوز الكلام في الشرع إلا إذا كان الكلام مبنياً على الأدلة الشرعية.
2. أن يكون الحوار والنقاش بأدب، وأن يُبتعد عن فحش القول، وعن التعصب.
3. أن لا تُعطى المسائل أكبر من حجمها، وأن تعطى المسائل المهمة الأولوية في البحث، والنقاش.
وأما التصويت على شيء من مسائل الشرع – وهي المسألة الثالثة – وفتح المجال لكل إنسان ليقول رأيه فيها: فهو أمر مرفوض، والناس فيهم المسلم والكافر، والطائع والعاصي، والعالم والجاهل، والكبير والصغير، فكيف تُعرض أحكام الله تعالى على هؤلاء جميعاً ليصوتوا على ما يرونه مناسباً أن يكون هو شرع الله؟!
والأحكام الشرعية لا تثبت بهذا الأسلوب، وليس بعدد الأصوات يُعرف الصواب من الخطأ، أو الراجح من المرجوح فيها، بل يُعرف ذلك بنقاش علمي حول الأدلة التي في المسألة، وكيفية الاستدلال بها للتوصل إلى معرفة حكم الله تعالى.
وقد قرأنا في بعض المنتديات: " شارك معنا بصوتك: هل توافق على التعدد "! ومثل: " ما رأيك بالنقاب، وهل تؤيده "!
وإذا نظرنا إلى اختيارات المشاركين وآراءهم، تبين لنا خطورة مثل هذا الأسلوب، فموضوع النقاب – مثلاً – كان من ضمن اختيارات المشاركين فيه: " تخلف ورجعية "! " إرهاب وتطرف "! " استمرار لظلم المرأة "! " أؤيده لأن النساء منحرفات "!
وهذا الكلام سب وتنقص لأحكام شرعية شرعها الله تعالى، وذلك أمر خطير على إيمان من فعل ذلك.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم
‰الإسلام سؤال وجواب