4- في الصيام حكم وفوائد كثيرة مدارها على التقوى التي ذكرها الله عز وجل في قوله: " لعلكم تتقون "، وبيان ذلك: أن النفس إذا امتنعت عن الحلال طمعا في مرضاة الله تعالى وخوفا من عقابه فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام.
وأن الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه، فإذا شبع بطنه جاع لسانه وعينه ويده وفرجه، فالصيام يؤدي إلى قهر الشيطان وكسر الشهوة وحفظ الجوارح.
وأن الصائم إذا ذاق ألم الجوع أحس بحال الفقراء فرحمهم وأعطاهم ما يسدّ جوعتهم، إذ ليس الخبر كالمعاينة، ولا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجّل.
وأن الصيام يربي الإرادة على اجتناب الهوى والبعد عن المعاصي، إذ فيه قهر للطبع وفطم للنفس عن مألوفاتها. وفيه كذلك اعتياد النظام ودقة المواعيد مما يعالج فوضى الكثيرين لو عقلوا.
وفي الصيام إعلان لمبدأ وحدة المسلمين، فتصوم الأمة وتُفطر في شهر واحد.
وفيه فرصة عظيمة للدعاة إلى الله سبحانه فهذه أفئدة الناس تهوي إلى المساجد ومنهم من يدخله لأول مرة ومنهم من لم يدخله منذ زمن بعيد وهم في حال رقّة نادرة، فلا بدّ من انتهاز الفرصة بالمواعظ المرقِّقة والدروس المناسبة والكلمات النافعة مع التعاون على البرّ والتقوى. وعلى الداعية أن لا ينشغل بالآخرين كليّا وينسى نفسه فيكون كالفتيلة تضيء للناس وتُحرق نفسها.