ƒـ[نحن أفراد الجالية الإسلامية البالغ عددها حوالي 35 ألفاً إلى 40 ألفاً، والمكونة من فِرق متعددة، المكلفون بعمل الإحصاءات هنا لا يفرِّقون بين شيعي، وبهائي، وحبشي، وسنِّي! اندمج هؤلاء المسلمون مع مواطني الدولة المسيحية البالغ عدد سكانها حوالي 5 مليون نسمة، حتى علم الدولة محتوي على رمز المسيحية، ألا وهو الصليب. خلال الأشهر الماضية قام جماعة من المنتمين حديثاً للإسلام (سنَّة) بتشكيل حزب سياسي، وجعلوا من بين أهدافهم: محاولة منع بيع الخمور في المحلات، بل ذهبوا لأبعد من ذلك بإعلانهم عن رغبتهم في إقامة الشريعة في هذه الدولة المسيحية! لا بدَّ أن تأخذوا في الاعتبار أن المسلمين هنا لا يتمتعون بالحقوق العادية، كالحق في أن يكون لديهم مقابر خاصة، أو الحق في إظهار شعائر معينة، كذبح الأضاحي، وما إلى ذلك. كان لدينا مقابر خاصة، ولكنها امتلأت، وبسبب حدوث بعض الأخطاء في تنظيمها، والخلاف بين الفرق المختلفة على مسك زمام المسؤولية، استفادت السلطات هنا من الخلاف، وجعلوا الأمر صعباً جدّاً على المسلمين، ولم يمكنوهم من امتلاك مقابر خاصة بهم، ولذلك إذا مات أحد المسلمين هنا: يُدفن بجوار المسيحي، والملحد! . تلك الجماعة من المنتمين حديثاً للإسلام يحاولون أن يتوحدوا، ويبتعدوا عن حزبية وقبلية الصوماليين، وعن محادثات العرب، الآن تركز وسائل الإعلام هنا على الإسلام والمسلمين بصورة سلبية، وذلك عن طريق مناقشة موضوعات مثل: - الطلاق في الإسلام بيد الرجل، ولا تستطيع المرأة أن تحصل على حقوقها كاملة، وعلى حريتها إذا ما أرادت أن تنهي زواجها. - العقاب البدني للأطفال في البيوت، فضرب الأبناء في هذه الدولة يعدُّ جريمة يعاقب عليها القانون. - تقوم العائلات المسلمة بعزل أبنائهم عن المجتمع، وحرمانهم من الاشتراك في ممارسة السباحة (بنات، وأولاد معاً) ، ويقومون أيضاً بحرمانهم من حضور دروس الموسيقى. وأيضا يناقشون (ماذا يريد المسلمون هنا: أن يتبعوا شريعتهم، أم نظام الدولة؟!) . وهدف الإعلام من ذلك هو تشويه صورة الإسلام، وزرع الكراهية في قلوب عامة الناس تجاه الإسلام والمسلمين. الناس هنا عموماً يشتكون أن المسلمين يتمتعون بأموالهم، والخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، والآن يضاف إلى قائمة الشكاوى أن المسلمين يريدون أن يقيموا الشريعة على أرض الدولة، بينما بلدانهم الأصلية لا تطبق الشريعة، علماً بأن من يقومون بأداء الواجبات الدينية هنا من المسلمين: أقلية، بينما الأغلبية اندمجت تماماً في المجتمع. تبني وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث نتائجها على رأي أي شخص يمكنه الإجابة، والذي قد يكون جاهلاً، خصوصاً أن معظم الناس حاليّاً يجرون وراء الشهرة، والمكاسب الدنيوية، وقد فاض بهم الكيل من بلدانهم الأصلية التي لا يحصلون فيها على حقوق، ولا تقدرهم كمواطنين، ومن أجل الحصول على تقدير غير المسلمين لهم يفعلون أي شيء! فقد سمعنا حتى عن أفراد ارتدوا عن الإسلام، وأصبحوا مسيحيين! . عندما نصح البعض رئيسَ ذلك الحزب الإسلامي بشأن الخطوات التي ينبغي عليه أن يتخذها قال: إنه فقط يسعى لعمل دعاية إيجابية للإسلام - هذا الشخص كان ناشطاً سياسيّاً في شبابه -. الآن نطلب منكم نصيحة عامة للمسلمين في هذا البلد، وخصوصاً لمكوني الحزب السياسي من المنتمين للإسلام حديثاً، وأن تذكرونا بواجبنا تجاه البلد، وتجاه مواطني البلد الأصليين ومسؤوليه، وأن تبينوا لنا الحدود التي لا ينبغي علينا تخطيها، حتى لا ندمر بيوتنا بأيدينا، أو على الأقل حتى لا نُحرم من الحقوق القليلة التي نتمتع بها في هذه الدولة، فليس كل مسلم هنا قادرا على الهجرة إلى بلد إسلامي. إذا أردتم المزيد من المعلومات حول الموضوع: فأرجوكم أن تراسلونا، وسنكون سعداء جدّاً بإرسال مزيد من التفاصيل إليكم، أرجوكم أن تردوا علينا بسرعة، حيث ما زال هناك المزيد من الوقت لغلق أبواب الفتنة، وقبل فوات الأوان.]ـ
^الحمد لله
قرأنا أكثر ما يتعلق بواقع الدولة التي تعيشون فيها – فنلندا – وقد ساءتنا أخبار، وأفرحتنا أخرى، ساءنا ما علمناه من تفرق بينكم، وساءنا تهاون كثيرين في الدعوة إلى الله والاهتمام بأسرته وأولاده، كما ساءنا ما علمناه من تزوج بعض المسلمات من نصارى تلك البلد، وهي عقود فاسدة باطلة، كما ساءنا تخلي كثيرين عن الالتزام بطاعة الله والاستقامة على دينه، وكل ذلك يجعل العبء على أهل الخير والعلم كبيراً، ويحملهم مسئوليات جمَّة تجاه تلك الجالية المسلمة في ذلك البلد الأوروبي.
والذي أفرحنا هو تزايد عدد المسلمين في تلك البلاد حتى وصل عدد الجالية المسلمة مئة ألف مسلم، وفق بعض التقديرات، وإن كنا لا ندري نسبة أهل السنَّة منهم، وأفرحنا دخول كثير من أهل تلك البلاد في دين الله تعالى.
والذي نوصيكم به، ونرجو أن يكون لكلامنا وقع حسن في قلوبكم وأعمالكم:
1. الحرص أولاً وقبل كل شيء أن يعود كل مسلم لبلده، وأن ينتقل من دخل في الإسلام إلى بلد إسلامي يمكنه أن يمارس فيه شعائر دينه، آمنا مطمئنا، وأن يترك تلك الديار التي أفسدت أديان وعقول وقلوب الكثير من المسلمين، متى قدر الواحد منكم على ذلك.
2. ومن لم يستطع، أو لم يستجب لهذا: فليتق الله ربه في نفسه، وفي أهل بيته، ويجب عليه أن يخلص النصح لهم، وأن يحوطهم برعايته وعنايته، وأن يقي نفسه وإياهم نار الله تعالى.
3. يجب عليكم العمل على إنشاء حلقات قرآنية وعلمية، يتم فيها تعليم الجاهل، وتربية النشء المسلم على طاعة الله تعالى، ولا يحل لكم التهاون في هذا الأمر، فقد قرأنا كيف حافظ " التتر " في " فنلندا " على لغتهم وثقافتهم وحضارتهم، فإسلامكم ولغتكم العربية أولى بأن يكون لهما الاهتمام الكبير في برنامج حياتكم.
4. احرصوا على دعوة أهل العلم وطلبته إليكم؛ ليقوموا بواجب الدعوة، والوعظ، والإرشاد، والتعليم، ومثل هذه اللقاءات من شأنها أن تساهم في اجتماع كلمتكم، وإيقافكم على الأحكام الشرعية التي لها تعلق بواقع معيشتكم.
5. لا تدَعوا مجالاً لشياطين الإنس والجن أن يفرقوا صفكم، ويشتتوا كلمتكم، ويجب أن تراعوا أنكم في مجتمع نصراني، ودولة نصرانية، يحمل علمُها الصليب! واعلموا أن ما يحدث بين المختلفين من المسلمين ليس هو كاختلافكم مع أهل الأديان الأخرى، فالخلاف بين أهل القبلة المسلمين خلاف بين السنة والبدعة، وقد يكون ـ في بعض الأحيان ـ خلافا بين الراجح والمرجوح، وأما الخلاف بينكم وبين أهل الأديان الأخرى فهو خلاف بين الإسلام والكفر، وشتان بين الأمرين.
6. هذا الحزب الذي يسعى لإنشاء دولة إسلامية في " فنلندا ": فليفكِّر بعقله قبل قلبه، ولينظر لواقعه ولا يغمض عينيه، فأنتم لا تستطيعون دفن مسلم في مقبرة خاصة بكم، فهل أنتم قادرون على إغلاق محلات الخمور، وإقامة دولة إسلامية هناك؟!
ما هذا، يا عباد الله؛ إن هذا الطموح الخيالي، والتفكير البعيد، قد يعذر فيه رجل لم يعايش الواقع عندكم، ولم يعلم شيئا عن الصعوبات التي تواجهونها، وأما رجل يرى ما ترون، ويعي ما تعون، فالواجب عليه أن يفكر تفكيرا سليما في الفطرة والشرع والعقل، وليكن جهده وسعيه في تحصيل أكبر قدر من المصالح للمسلمين عندكم، ودفع ما يمكن دفعه عنهم من الشر والأذى والظلم.
وعليه: فإن كان لأولئك القوم حزب إسلامي فليستثمروا نفوذهم في إقامة مؤسسات إسلامية، ومدارس تربوية، ومقابر شرعية، وليدعوا عن أنفسهم التفكير في إقامة الدولة الإسلامية، فإن هذا بالفعل أشبه شيء بالمستحيل، وخيالات الأوهام، في ظل مانرى من عجز المسلمين عن ذلك، حتى في بلدانهم، فكيف في عقر دار القوم؟! وسيكون لمجرد المطالبة بدولة إسلامية من الشر والسوء ما الله به عليم، فكيف إن تقدم أولئك خطوة عملية نحو ذلك، وإذا كانت الدولة عاجزة عن صدهم – وليس الأمر كذلك – فليتخيلوا مصيرهم لو تدخل " الاتحاد الأوروبي " في صدِّ ذلك ومنعه، فكيف سيكون مصير البناء الذي بُني لعقود من الزمان؟! وقد قرأنا عن أحوال المسلمين والمسلمات في بلادكم الحالية بعد الحادي عشر من أيلول، فكيف لو نشرت المؤسسات الحاقدة على الإسلام أن المسلمين لا يريدون الحكم إلا من أجل تطبيق الإسلام، والحد من الحريات، والتضييق على النساء، نعم، هم يبالغون ويكذبون، لكننا نقدم لهم السلاح الذي يشهرونه في وجوهنا.
7. وليكن من أولويات ذلك الحزب الإسلامي: الحفاظ على الهوية الإسلامية، والسعي نحو تقديم رسالة الإسلام الصافي من الشوائب، تقدمونه للمسلمين؛ ترجعونهم به إلى سابق عهدهم من الالتزام والاستقامة، وتثبتون لغير المسلمين أن دينكم دين الوحدة، والتآخي، والتعاون على البر والتقوى.
8. استمرار الإخوة المسلمين من أهل البلد في الدعوة إلى الله بين أفراد أسرهم وأقربائهم، ومشاركة الناس الفرحة التي غمرتهم بدخولهم الإسلام، والظاهر أن هؤلاء يكونون أكثر تأثيراً على أهل بلدهم من المسلمين المهاجرين من دول شتَّى.
9. السعي الفوري نحو شراء قطع أراضي وتخصيصها لقبر المسلمين الموحدين، والسعي الأكيد نحو نقل المسلمين الذين دفنوا مع غير المسلمين إلى هذه المقابر الإسلامية.
010 ينبغي أن يكون من أولويات التجمعات الإسلامية، والأحزاب السياسية، وخاصة تلك التي تسعى لإقامة دولة إسلامية، كما ذكرنا أن تحافظ على هوية المسلمين الذي يعيشون هناك، ومن أعظم وسائل المحافظة على الهوية تزويج المسلمين من المسلمات، والحرص على إشاعة جو إسلامي في الحياة الاجتماعية، وأن يوجد في الأحزاب والتجمعات الإسلامية من يصرف أمور المسلمين الخاصة في الزواج والطلاق والعلاقات الاجتماعية، بما يوافق شرع الله، ودون أن نحاول فرض ذلك فرضا عاما على الدولة النصرانية، فهو أمر ـ كما قلنا ـ بعيد المنال جدا، وعاقبته وآثاره وخيمة عليكم.
11. نوصي الجميع بالرفق في الدعوة إلى الله، وسلوك طريق الأنبياء والمرسلين، والدعاة الناجحين، ولتصل دعوتكم للقادة والساسة وأصحاب القرار والصحفيين والكتاَّب وجميع أصناف الناس، فعسى الله تعالى أن يهدي رجلاً منهم فيكون أمَّة وحده، واحرصوا على إزالة المنكرات من حياة المسلمين بالتي هي أحسن.
012 ينبغي أن تكون لكم مراسلات واتصالات دائمة بإخوانكم المسلمين، في أوروبا وفي بلاد الإسلام، تشاورونهم في أموركم، وتستفتون أهل العلم منهم فيما ينزل بكم من القضايا والمشكلات؛ فالمؤمن مرآة أخيه، وضعيفان يغلبان قويا.
نسأل الله أن يوفقكم لما فيه رضاه.
والله أعلم
‰الإسلام سؤال وجواب