ما رأيكم بكتاب " الاستعداد ليوم المعاد " المنسوب للحافظ ابن حجر العسقلاني؟

ƒـ[لدي كتاب بعنوان: " الاستعداد ليوم الجزاء " للشيخ ابن حجر العسقلاني، يحتوي على أحاديث وآثار، والمشكلة أن هذه الأحاديث والآثار غير مبين إن كانت صحيحة أم لا، فهل لديكم معرفة بهذا الكتاب، وكيف يتم التعامل معه؟]ـ

^الحمد لله

بعد البحث والتفتيش في أسماء مصنفات الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله، لم نقف على كتاب له بهذا الاسم، وقد بلغت كتب الحافظ نحوا من (273) كتابا، جمع أسماءها وتكلم عليها الحافظ السخاوي في " الجواهر والدرر " (ص/660-695) ، ولم يذكر منها هذا الكتاب.

وقد حَذَّر بعض الباحثين المعاصرين مما في هذا الكتاب، وبَيَّنوا كذب نسبته إلى الحافظ ابن حجر العسقلاني.

قال الشيخ مشهور حسن سلمان:

"الاستعداد ليوم المعاد: كتاب طبع منسوبا كذبا وزورا للحافظ ابن حجر العسقلاني، وقد مر بي بيان هذا قديما في مجلة "الجامعة السلفية"، ومع مرور الزمن تأكد لي ذلك بأدلة وشواهد، أقواها وأغلاها ما نقله الحافظ ابن حجر نفسه في ترجمة إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني، صدر الدين، أبو المجامع ابن سعد الدين الشافعي الصوفي (ت 722هـ) ، عن الإمام الذهبي قوله: "كان حاطب ليل، جمع أحاديث ثنائيات وثلاثيات ورباعيات من الأباطيل المكذوبة".

قلت (أي الشيخ مشهور) : وهذا وصف لكتاب الاستعداد، وقد أنكر الدكتور شاكر محمود عبد المنعم نسبة هذا الكتاب لابن حجر لثلاثة أسباب، هي:

الأول: أنه يخالف أسلوب ابن حجر في ذكر الأحاديث، ومنهجه في تبيان أسانيدها ونقدها ومتونها والاختلاف فيها.

الثاني: لم يذكره مصدرٌ معاصرٌ لابن حجر ولا تلامذته.

الثالث: لا يوجد اسم المؤلف على المخطوط في غالب النسخ التي اطلع عليها.

وقد نبه على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن حجر الأخ جاسم الدوسري حفظه الله، فقال:

ومما يحسن التنبيه عليه أن الكتاب المتداول بين الناس بعنوان " الاستعداد ليوم الميعاد " المنسوب تأليفه إلى الحافظ باطل النسبة إليه بلا شك، ومن قرأه ورأى ما فيه من الأحاديث المكذوبة الموضوعة علم يقينا أن الحافظ منه بريء.

وقد كتب الشيخ عبد الرحمن الفاخوري حفظه الله مقالا نشره في مجلة " الجامعة السلفية " بالهند (حج 10/ عدد 3، ربيع الأول، سنة 1398هـ) بعنوان: " أما لهذه الأيدي من يقطعها " بَيَّن فيه بيانا شافيا بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الحافظ، فراجعه إن شئت الاستزادة ".

وقد رأيت بعد كتابة هذه الأسطر أن هذا الكتاب قد طبع طبعة جديدة عن دار التربية بالعراق بتحقيق عادل أبو المعاطي، دون تاريخ، في (142) صفحة من القطع الكبير.

وأثبت على غلافه أنه لابن حجر العسقلاني!! إلا أنه قد شكك في ذلك في تقديمه له (ص/9-11) ، فذكر أنه قد واجهته في تحقيق الكتاب صعوبتان:

الأولى: نسبة الكتاب إلى العسقلاني.

الثانية: تخريج أحاديث الكتاب.

والذي يهمنا من كلامه ما قاله في الصعوبة الأولى، فأفاد ما يلي:

أولا: أن كتب التراجم التي ترجمت للعسقلاني وذكرت مصنفاته لم تذكر من بينها هذا الكتاب على الإطلاق، فلم يذكره السخاوي تلميذ العسقلاني في " الضوء اللامع "، وكذلك الشوكاني في " البدر الطالع " وإسماعيل باشا البغدادي في " هدية العارفين "، والزركلي في " الأعلام ".

ثانيا: رغم ذلك فإن هذا الكتاب طبع عدة مرات منسوبا إلى العسقلاني، وهذه طبعاته:

الأولى: تحت عنوان " منبهات " لابن حجر العسقلاني، عام (1312هـ) بالهند، أي من حوالي (95) عاما، ومعها ترجمتها بالفارسية في (96) صفحة.

الثانية: تحت عنوان " منبهات " لابن حجر العسقلاني، عام (1315هـ) باستنبول، أي من والي (92) عاما.

الثالثة: تحت عنوان: " منبهات على الاستعداد ليوم المعاد " عام (1904م) مكتبة الشركة، قزان، أي من حوالي (82) عاما.

ولكن على الصفحة الأولى توجد عبارة: " وهو على ما قيل للشيخ شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني المتوفى سنة (852هـ) ، وقيل لغيره، وهو الأظهر ".

والعبارة الأخيرة توحي بالشك في نسبة الكتاب للعسقلاني، ويؤيد هذا ما قاله حاجي خليفة في " كشف الظنون "، حيث نسب الكتاب " المنبهات على الاستعداد ليوم المعاد للنصح والوداد " لزين القضاة أحمد بن محمد الحجي، ثم قال:

" جمع فيه أحاديث ونصائح من الواحد إلى العشرة، مثنى، وثلاث، ورباع، أوله: الحمد لله رب العالمين ... إلخ، قال: هذه منبهات على الاستعداد ليوم المعاد " اهـ.

ثالثا: وتوجد لهذا الكتاب خمس نسخ مخطوطة في دار الكتب المصرية منسوبة للعلامة الشيخ أحمد بن محمد بن علي الحجري، وأرقامها (21م، 36م، 213 مجاميع، 360 مجاميع، 8م مجاميع) ولكن لم يتيسر لي الاطلاع عليها، وكذلك هناك مخطوطة ضمن مخطوطات المدرسة الحسنية بالموصل، تحت رقم (27824) منسوبة لزين القضاة أحمد بن محمد.

رابعا: لقد حاولت الوصول إلى ترجمة أحمد بن محمد الحجري أو الحجي كما ذكر حاجي خليفة من كتابي " الأعلام "، و " معجم المؤلفين"، ولكن كليهما لم يذكره على الإطلاق، وزاد الأمر صعوبة أن حاجي خليفة لم يذكر له تاريخ وفاة، وإلا لرجعنا للكتب التي تترجم بتاريخ الوفاة، وكذلك لم يذكره صاحب كتاب " هدية العارفين ".

ولذلك رأيت – وقد أكون مخطئا – أن أنسب الكتاب إلى العسقلاني كالنسخ المطبوعة التي أشرنا إليها، وأرجو أن يوفقني الله في طبعة قادمة لتلافي هذه النقطة انتهى.

قلت (أي: الشيخ مشهور) : ولا شك في خطأ نسبة هذا الكتاب لابن حجر، والأمر – إن شاء الله تعالى – ما ذكرنا آنفا عن ابن حجر نفسه، من أن مؤلفه إبراهيم بن محمد والله أعلم" انتهى.

" كتب حذر منها العلماء " (2/326-330) .

والله أعلم

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015