ƒـ[إذا كانت الضرائب حراماً، والزكاة لا تُصرف إلا في الثماني أوجه المذكورة في الآية، فمِن أين ستأتي الدولة بالنقود لخلاص موظفيها، وبناء الطرقات، والمستشفيات، والمدارس، والجامعات، وإلى غير ذلك مما يجب على الدولة القيام به؟ .]ـ
^الحمد لله
أولاً:
لا شك أن أخذ الضرائب من المسلمين هو من أكل أموال الناس بالباطل، وهو من كبائر الذنوب، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (25758) ، (42563) ، (39461) .
وأن مصارف الزكاة محددة فيما ذكره الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/ 60، وينظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (46209) .
ثانياً:
أما بخصوص موارد بيت مال المسلمين: فهي كثيرة، ومتنوعة، في القديم، والحديث.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (8 / 245 - 248) :
"مَوَارِدُ بَيْتِ الْمَال:
أ. الزكاة بأنواعها، التي يأخذها الإمام سواء أكانت زكاة أموال ظاهرة، أم باطنة، من السوائم، والزروع، والنقود، والعروض، ومنها: عشور تجار المسلمين، إذا مروا بتجارتهم على العاشِر - (وهو الجابي الذي يأخذ من تجار المسلمين ربع العُشر، ومن تجار أهل الذمة نصف العشر، ومن تجار أهل الحرب العُشر) -.
ب. خُمس الغنائم المنقولة، والغنيمة: هي كل مال أُخذ من الكفار بالقتال، ما عدا الأراضي والعقارات، فيورد خُمسها لبيت المال، ليصرف في مصارفه، قال الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل....) الآية.
ج. خُمس الخارج من الأرض من المعادن، من الذهب، والفضة، والحديد، وغيرها، وقيل: مثلها المستخرج من البحر من لؤلؤ، وعنبر، وسواهما.
د. خُمس الركاز (الكنوز) ، وهو كل مال دُفن في الأرض بفعل الإنسان، والمراد هنا: كنوز أهل الجاهلية، والكفر، إذا وجده مسلم: فخُمسه لبيت المال، وباقيه بعد الخُمس لواجده.
هـ. الفيء: وهو كل مال منقول أُخذ من الكفار بغير قتال، وبلا إيجاف خيل ولا ركاب.
والفيء أنواع:
1. ما جلا عنه الكفار خوفاً من المسلمين من الأراضي، والعقارات، وهي تُوقف كالأراضي المغنومة بالقتال، وتُقسم غلاتها كل سنَة، نصَّ عليه الشافعية، وفي ذلك خلاف.
2. ما تركوه وجلُوا عنه من المنقولات، وهو يُقسم في الحال، ولا يوقف.
3. ما أُخذ مِن الكفار من خَراج، أو أجرة عن الأراضي التي ملكها المسلمون، ودفعت بالإجارة لمسلم، أو ذمي، أو عن الأراضي التي أُقرت بأيدي أصحابها من أهل الذمَّة، صلحاً، أو عنوة على أنها لهم، ولنا عليها الخراج.
4. الجزية، وهي: ما يُضرب على رقاب الكفار لإقامتهم في بلاد المسلمين، فيفرض على كل رأس من الرجال البالغين القادرين مبلغ من المال، أو يضرب على البلد كلها أن تؤدي مبلغاً معلوماً، ولو أداها من لا تجب عليه: كانت هبةً، لا جزية.
5. عشور أهل الذمة، وهي: ضريبة تؤخذ منهم عن أموالهم التي يترددون بها متاجرين إلى دار الحرب، أو يدخلون بها من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو ينتقلون بها من بلد في دار الإسلام إلى بلد آخر، تؤخذ منهم في السنَة مرَّة، ما لم يخرجوا من دار الإسلام، ثم يعودوا إليها.
ومثلها: عشور أهل الحرب من التجار كذلك، إذا دخلوا بتجارتهم إلينا مستأمنين.
6. ما صولح عليه الحربيون من مال يؤدونه إلى المسلمين.
7. مال المرتد إن قُتل، أو مات، ومال الزنديق إن قتل أو مات، فلا يورث مالهما، بل هو فيء، وعند الحنفية في مال المرتد تفصيل.
8. مال الذمي إن مات ولا وارث له، وما فضل من ماله عن وارثه: فهو فيء كذلك.
9. الأراضي المغنومة بالقتال، وهي الأراضي الزراعية، عند من يرى عدم تقسيمها بين الغانمين.
و. غلاَّت أراضي بيت المال، وأملاكه، ونتاج المتاجرة، والمعاملة.
ز. الهبات، والتبرعات، والوصايا، التي تُقدم لبيت المال للجهاد، أو غيره، من المصالح العامة.
ح. الهدايا التي تقدم إلى القضاة ممن لم يكن يُهدي لهم قبل الولاية، أو كان يُهدي لهم لكن له عند القاضي خصومة، فإنها إن لم ترد إلى مُهديها ترد إلى بيت المال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من " ابن اللتبية " ما أُهدي إليه.
وكذلك الهدايا التي تقدم إلى الإمام من أهل الحرب، والهدايا التي تقدم إلى عمال الدولة، وهذا إن لم يعط الآخذ مقابلها من ماله الخاص.
ط. الضرائب الموظفة على الرعية لمصلحتهم، سواء أكان ذلك للجهاد، أم لغيره، ولا تضرب عليهم إلا إذا لم يكن في بيت المال ما يكفي لذلك، وكان لضرورة، وإلا كانت مورداً غير شرعي.
ي. الأموال الضائعة، وهي مال وجد ولم يمكن معرفة صاحبه، من لُقَطة، أو وديعة، أو رهن، ومنه: ما يوجد مع اللصوص، ونحوهم مما لا طالب له، فيورد إلى بيت المال.
ك. مواريث مَن مات مِن المسلمين بلا وارث، أو له وارث لا يرث كل المال - عند من لا يرى الرد - ومَن قتل وكان بلا وارث: فإن ديته تورد إلى بيت المال، ويصرف هذا في مصارف الفيء.
وحق بيت المال في هذا النوع هو على سبيل الميراث عند الشافعية والمالكية، أي: على سبيل العصوبة، وقال الحنابلة والحنفية: يرد إلى بيت المال فيئاً، لا إرثاً.
ل. الغرامات، والمصادرات: وقد ورد في السنَّة تغريم مانع الزكاة بأخذ شطر ماله، وبهذا يقول إسحاق بن راهويه، وأبو بكر عبد العزيز، وورد تغريم مَن أخذ من الثمر المعلَّق وخرج به ضعف قيمته، وبهذا يقول الحنابلة، وإسحاق بن راهويه: والظاهر أن مثل هذه الغرامات إذا أُخذت: تنفق في المصالح العامة، فتكون بذلك من حقوق بيت المال.
وورد أن عمر رضي الله عنه صادر شطر أموال بعض الولاة؛ لمَّا ظهر عليهم الإثراء بسبب أعمالهم، فيرجع مثل ذلك إلى بيت المال أيضاً" انتهى.
ومِن موارد بيت مال المسلمين في العصر الحديث: الموارد الطبيعية المكتشفة في أراضي الدولة , من نفط، وغاز طبيعي، ومعادن ... إلخ، وقلَّ من دولة إلا وفيها مثل هذه الموارد.
ويضاف إلى هذه الموارد أيضاً: ما تأخذه الدولة مقابل ما تقوم به من مشروعات زراعية أو صناعية أو تجارية أو خدمات تقدمها للناس، كالكهرباء والهاتف والمياه ... إلخ.
وبهذا يتبين أن الموارد المالية لبيت مال المسلمين كثيرة جداً، فلا يجوز ترك هذه الموارد المباحة والمشروعة، والاعتماد على موارد محرمة، لا يبارك الله فيها، كالضرائب بشتى أنواعها.
والله أعلم
‰الإسلام سؤال وجواب