انتكاسة شاب ملتزم بعد خطبته، الأسباب، والعلاج

ƒـ[أنا شاب مقبل على الزواج من إحدى قريباتي التي التقيت بها لأول مرة عندما ذهبت لخطبتها، برغبة شديدة، ومباركة من أهلي , وقد كنت - تقريباً - موافقاً عليها قبل أن أراها , وقد زادت رغبتي في الزواج منها عندما شاهدتها لأول مرة، حيث شعرت بقبول قلبي الشديد لها؛ حيث كان أحد أصحابي الملتزمين قد أوعز لي بأهمية النظرة الأولى , وقد برزتْ أمامي بملابس بيتها، كاشفة شعرها، ويديها، وشيئاً من صدرها , وكانت تلبس البنطال , وكان ذلك بوجود أهلها , وكان من أبرز ما بهرني بها: جمالها - ما شاء الله - , وأدبها الكبير , وحياؤها , وسمعتها الطيبة بكل ما سبق، عند كل من سألته من أهلي عنها , ومما شجعني على الزواج منها: اشتهار والدها برجولته , وقراره الحازم , وكذلك أخلاق أمها التي لم أجد أحسن منها فيما أعلم من النساء. حالي قبل الزواج: أنا شاب ملتزم، وألقَّب بين غالب الناس بـ " الشيخ " خاصة في عملي كمهندس. صاحب لحية على السنَّة، حوالي أكثر من قبضة بقليل، أكره مساسها، إلا شيئاً بسيطاً. لا ألبس البنطال إلا في عملي فقط، دائما بالثوب. ثوبي كله على السنَّة فوق الكعب. أحفظ القرآن، وملتزم بحلقات لذلك. أكره سماع الأغاني، والمسلسلات، والأفلام , وأكره كل ذلك، في الأعراس، وغيرها، وحتى في نغمات الجوال. لا أحب ما يسمَّى بـ " الأناشيد الإسلامية " , ولا أعترف بجوازها , وأكره محترفها. أحارب البدع القولية، والفعلية، ما استطعت. أكره التصوير كله، سواء كان فيديو، أو فوتوغرافيا , وأكره تخليد الذكرى به. أحترم المنقبات , ولا أوافق أبداً وأبداً على أن تكون زوجتي غير ذلك , وبالنقاب الكامل الذي لا يظهر أي شيء منها أبداً. أحاول بكل وسيلة أن أَظهر بكل مظاهر الالتزام. حالي الآن بعد الخطبة، وقبل الزواج: أكره أن ألقب بـ " الشيخ " , وقد أوعزتُ إلى أكثر من يعملون معي بهذا , ولكن دون ذكر سبب صريح لذلك , وتضايقت من أمي لأنها وصفتني بذلك عند أهل زوجتي قصرت لحيتي شيئا فشيئا , وأرغب في تقصيرها أكثر من ذلك , ولكن أخشى الناس وكلامهم. أصبحت أحاول لبس البنطال أكثر , وخاصة الرياضي , وأحاول اعتماد ذلك حيث أظن زوجتي تحب ذلك. طولت ثوبي – الدشداشة - ولكنها باقية فوق الكعب، أما البنطال: فصار طويلاً، لا يراعي كعباً، ولا غيره , وأرى ذلك يوافق عادات الناس التي لا تؤثر كثيراً على الالتزام. أحب لو أني أسمع الأغاني , ولا أمنع أحداً من أهلي، أو غيرهم من سماعها، وأعطيت زوجتي الإذن بذلك , ولكن طلبت منها عدم المبالغة , وتركت تقدير ذلك لها , وفي حفلة خطوبتي: سمحتًُ بكثير من الأغاني، بخلاف ما كنت أدندن عليه ولفترة طويلة من تشددي في ذلك. وزد على هذا: دخلتُ عند النساء في خطبتي، حتى مجرد الاعتراض على ذلك لم أبده، بل فرحت كثيراً عندما أبدت زوجتي فخرها بذلك أمام زميلاتها اللواتي لم يتوقعن ذلك مني. أصبحت أحضر أي عرس أدعى إليه , ولا أنكر المنكر حتى بقلبي! وأحب بعض النغمات في الجوال. أرى أن بعض البدع القولية والفعلية مبالغة فيما لا داعي له , وقدر المستطاع لا أنكر حتى إن رأيت زوجتي تشرب باليسرى، فاستحسنت ذلك بنفسي. أحب التصوير، وأحاول إشاعة عدم إنكاري لهذا بين الناس , وأكرر على زوجتي كثيراً رغبتي في كثرة التصوير في عرسنا، وهي سعيدة بهذا. لا أحب أن تكون زوجتي منقبة , ولكني لم أصرح بهذا لها , ولكني أظنها فهمت ذلك مني حيث كانت قد وافقت على النقاب على مضض؛ فمنحتها فرصة أخرى للتفكير، مع أني اشترطت عليها ذلك وقت الخطبة، فوافقت هي وأمها، ثم أحسستُ منها كره ذلك، فكرهته. في أحد مكالماتي لها قالت: أحب أن أكون مثل الناس الذين أعايشهم، فأحسست بنقص شديد؛ لأني كنت ضد الناس في كثير من المواقف. كل هذا الانقلاب حدث في حوالي شهرين! ماذا حدث لي؟ ما الحل؟ أين الحق؟ لا أعرف، أو لا أكترث كثيراً إن عرفت! لماذا لا أعرف؟ أنا في حيرة عظيمة، حيث يأتيني أحيانا قليلة هاجس الفشل والضعف أمام كل الناس , وأرغب في الرجوع لسابق عهدي. هل لزواجي العامل الأكبر في ذلك، أم ماذا؟ أفيدوني، أفادكم الله.]ـ

^الحمد لله

1. أخي الكريم والله إنا لنستشعر منك محبة الدين، والاستقامة , وقد أثلجت صدورنا في بداية السطور من حبك للطاعات، والقربات، ثم - والله - أحسسنا بحزن، ومرارة، لما صار بك الحال بعد خِطبتك، فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك , وأن ينير لك دربك , وأن يصرف عنك استدراج الشيطان.

2. وكل من يقرأ سردك للأحداث التي جرت معك، وما صرت إليه من حال بعد حالك الأول: يجزم أنك وقعت في " فتنة "، ولعلك لا تخالفنا في ذلك، وما حصل معك من تغيير في الحال، والأحكام: هو دليل على حصول الفتنة في حياتك، وقد تنبه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان لمثل هذا، وهو الخبير بالفتن، وأهلها؛ لعلو مكانته من النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صار أميناً على سرِّه، مع اهتمامه بأحاديث الفتن أن يعيها، ويحفظها، فماذا قال ذلك الصحابي الجليل عن مثل حالك أيها السائل؟ .

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: مَن أحب أن يعلَم أصابتْه الفتنة أوْ لا: فلينظر، فإن رأى حلالاً كان يراه حراماً، أو يرى حراماً كان يراه حلالاً: فليعلم أن قد أصابته.

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (15 / 88) والحاكم في " المستدرك " (4 / 514) .

وهذا هو عين ما حصل معك من تقلب حالك في أحكام: قصر الثوب، واللحية، والموسيقى، والنقاب للمرأة، والاختلاط، وإنكار المنكر، وغير ذلك مما تعلمه، ولا نعلمه.

بل لا نظن أنك تحتاجنا أن نقيم لك الأدلة على أن ما صار إليه حالك، والعياذ بالله، هو ضلالة بعد هدى، وانتكاسة بعد صلاح حال، نسأل الله أن يردك إلى ما يحب، وأن يصلح لك شأنك:

دَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ البدري رضي الله عنه عَلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَىَّ!!

فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟

قَالَ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّى!!

قَالَ: فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلاَلَةَ حَقَّ الضَّلاَلَةِ، أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنِ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ!!

رواه عبد الرزاق في مصنفه (11/249) والبيهقي في السنن الكبرى (10/42) .

لذا: فالواجب عليك أن تعلم الداء الذي أصابك، ثم تنقذ نفسك من آثاره السيئة، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، ونحن على ثقة بأنك إن صدقتَ مع ربك تعالى في حب النجاة مما أنت فيه من فتنة، أنه تعالى سينجيك من تلك الفتن، ويأخذ بيدك إلى برِّ الأمان.

3. وإذا أردت النجاة من تلك الفتن: فاعلم أنك بحاجة لدوافع قوية تدفع بها تلك الشرور التي دخلت في قلبك، وعقلك، ونحن نوصيك بأشياء نرجو أن يكون لها حظ عندك في العمل، لا بمجرد العلم بها، ومن ذلك:

أ. الدعاء، فاختر آخر الليل لتقوم بين يدي ربك تعالى تناجيه بالعبادة، وتدعوه بأن ينجيك من الفتن، ما ظهر منها، وما بطن، وأن يحبب إليك الإيمان، ويزينه في قلبك، وعلى جوارحك، وأن يكرِّه إليك الكفر، والفسوق، والعصيان.

ب. العلم، وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، كما يروى عن ابن عباس، فاحرص على تعلم دينك؛ فإن من شأن العلم الشرعي النافع أن يحفظ أهله من الزلل؛ لما يعلمونه من قصَر هذه الحياة، وعدم بقائها، وأن الموت حق لا ريب فيه.

ج. الطاعات، والأعمال الصالحة، وإنك لو تأملت نفسك لرأيت أن بداية التقصير والفتنة عندك في حياتك قد سبقها تقصير في طاعة الله، والقيام بالأعمال الصالحة، فارجع لأحسن من سابق عهدك، واجعل لنفسك ورد قراءة للقرآن والأذكار، وورد أعمال صالحة تقوم بها في ليلك، ونهارك.

د0 الصحبة الصالحة، فللصحبة الصالحة التقية الطيبة أثرها البالغ في حياة الشخص واستقامته، وقد قال الله تعالى في كتابه: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) الكهف/28.

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ) . رواه الإمام أحمد في مسنده (21524) ، وقال محققوه: حسن لغيره.

هـ. الخوف من سوء الخاتمة، وأنت تعلم بأنه ليس كل مسلم يوفق لحسن الخاتمة، بل المسلم يموت على ما يعيش عليه، فاحذر من فوات وقت التوبة عليك، فلا تدري متى كتب الله عليك الموت، والدنيا دار عمل، لا جزاء، وغدا تقبل على دار جزاء، لا عمل.

4. اعلم أيها الأخ السائل: أنه لا سعادة تعدل سعادة الإيمان، والقرب، من الرحمن , ولذة الطاعة والعبادة؛ فالتقي هو السعيد , والمستقيم هو المطمئن المستريح؛ وكل سعادة خلت من إيمان وتقوى: فوالله إنها بهرج، وزخرف، وغرور، عن قريب تزول.

5. الأصل أن الزواج مكمل لدين المرء لا منقص له , كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن رَزَقهُ الله امْرَأَةً صَالِحةً فَقدْ أَعَانَه الله على شَطْرَ دِينِهِ فَلْيتقِّ الله فِي الشَّطْر الثاني) .

(مَن رَزَقَهُ اللَّهُ امرَأَةً صَالِحَةً فَقَد أَعَانَهُ عَلَى شَطرِ دِينِهِ، فَليَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطرِ الثَّانِي)

رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 175) والطبراني في " الأوسط " (1 / 294) ، وحسَنه الألباني في " صحيح الترغيب " (2 / 192) .

ومما يعين على ذلك: اختيار الزوجة الصالحة لتكون شريكة لك في بناء أسرة طيبة، مع إعانتها لك على طاعة ربك، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) رواه مسلم (1467) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) .

قال النووي - رحمه الله -:

وفي هذا الحديث: الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبركتهم وحسن طرائقهم ويأمن المفسدة من جهتهم.

" شرح مسلم " (10 / 52) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -:

وقال صلّى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، وجمالها، وحسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يمينك) لما فيها من صلاح الأحوال، والبيت، والأولاد، وسكون قلب الزوج، وطمأنينته، فإن حصل مع الدين غيرُه: فذاك، وإلاَّ فالدِّين أعظم الصفات المقصودة، قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ) النساء/ 34.

" بهجة قلوب الأبرار " (ص 91) .

ولمعرفة صفات المرأة ذات الدين: انظر جواب السؤال رقم: (96584) .

والزوج المتزوج من امرأة صالحة فإنه يجد منها تشجيعاً إن فعل طاعة، ويجد منها نصحاً وتذكيراً إن هو انحرف عن طريق الهداية، ولعل الضعف الذي أصابك بعد الخطبة إن لم تكن خطيبتك هي سببه: فإنها لم تدلك على الخير، ولم تنصحك بما هو صواب من أفعالك، بل كان منها مباركة لما وقعت فيه من مخالفات، وكان منها تشجيع على التخلي عن صفات الخير، وأنت بذلك تدفع ثمن اختيارك، ولا ندري عن ميزانك في الاختيار، وأنت ادعيت أنك كنت ملتزماً، فكيف قبلتَ أنها تلبس البنطال أمامك، وأمام أبيها، أو أشقائها، وغير خافٍ أن البنطال مفصِّل للعورة، ولا يجوز إظهاره أمام محارم المرأة، فضلاً عن إظهاره أمام من جاء يخطبها! .

6. حقيقة الجمال هي جمال الأخلاق الظاهرة والباطنة، والجمال الظاهر يزول مع الأيام , ولكن الذي يبقى هو جمال الروح، والأخلاق، والدين، والاستقامة، فليست الحياة الزوجية قائمة - فقط - على الجمال، والإعجاب، بل لا بدَّ للمسلم العاقل أن ينظر بعين بصيرته إلى ما هو أبعد من ذلك، من إعانة على طاعة الله , وإلى حفظ بيته في غيابه، وإلى تربية أولاده تربية إسلامية، وإلى غير ذلك.

7. وعلى ذلك أخي السائل: إذا كان سبب انتكاستك وتحول حالك , هو قلة التزام خطيبتك , وأن تغير حالك بعد الخطبة بسبب محاولة إرضائها والحصول على حبها وقربها: فاعلم أنك موهوم، ولن تشعر براحة البتة، بل سوف يزداد الأمر عندك ألماً، وحسرةً، وكدراً بعد الزواج , وخاصة بعد أن تنال مطلوبك منها , والذي رغبك في زواجك منها، ثم سوف تتحول هذه الرغبة إلى كره , ومقت , وألم , ومحاولة الخلاص منها؛ إذا بقي في قلبك داع يطلب أن تكون ما كنت عليه قبل الزواج.

وأما إذا زال من قلبك استحسان ما كنت عليه من الطاعة، ولم تبق نفسك تنازعك إلى العودة إلى ربها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأحسن الله عزاء المسلمين فيك!!

8. فالنصيحة لك - أخي السائل - أن تصلح نفسك أولاً، لتعود إلى سابق عهدك، بل أفضل، ولا تظنن نفسك أنك على هدى، وطريق مستقيم، بل ما ذكرتَه لنا كافٍ للحكم عليك بوقوعك في فتنة عظيمة، وما ذكرتَه لنا يدل أن الأمر عندك لم يقف عند حدٍّ، بل هو مستمر، وهذا خطير جدّاً عليك، فيُخشى أن يكون انتقالك من فتنة إلى أختها، ومن معصية إلى مثلها: أن تقع في فتنة الدين – لا قدَّر الله -، ولا تظنن هذا بعيداً عنك، ولا عن غيرك، فالشيطان أحرص ما يكون على هذه الفتنة، وهو لا يترك المسلم لينجح معه في هذه الفتنة حتى النزع الأخير.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتْ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ فَقَالَ اللَّهُ فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي) .

رواه أحمد (17 / 344) ، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب " (1617) .

وانظر جواب السؤال رقم: (23425) ففيه بيان خطر المعصية، وأثرها على صاحبها.

9. ثم بعد أن تصلح حالك: حاول تقريب خطيبتك إلى حياة الالتزام، والطاعة، فإن لمست منها استجابة: وإلا ففي خلاصك منها راحة، إن شاء الله , وسلامة لدينك، واستقامتك. ولا يلزم من ذلك طعن بها، أو في أهلها , ولكن الرجل العاقل الملتزم يبحث عما يعينه على طاعة الله , ويقربه من رضى الرحمن، فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: " أُنْزِلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا أُنْزِلَ، لَوْ عَلِمْنَا أَيُّ الْمَالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ، فَقَالَ: (أَفْضَلُهُ: لِسَانٌ ذَاكِرٌ، وَقَلْبٌ شَاكِرٌ، وَزَوْجَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ) رواه الترمذي (3094) وحسَّنه، وابن ماجه (1856) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

قال المباركفوري - رحمه الله -:

(وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه) أي: على دينه، بأن تذكره الصلاة، والصوم، وغيرهما من العبادات، وتمنعه من الزنا، وسائر المحرمات.

" تحفة الأحوذي " (8 / 390) .

وعن سعد بن أبي وقاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ، مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) . رواه أحمد في مسنده (1 / 168) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (1914) .

نسأل الله أن يوفقك لطاعته , وأن يعينك على الالتزام بأوامره , وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك ودنياك , وأن يصرف عنك كيد الشيطان واستدراجه.

والله أعلم

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015