لماذا لا يعجل الله تعالى بهلاك الكفار؟ ولماذا المسلمون في تأخر؟

ƒـ[لماذا لا يعاقب الله المسيحيين واليهود ? لماذا المسلمون في تأخر والمسيحيون واليهود في تطور؟.]ـ

^الحمد لله

أولاً:

لعلَّ الأخ السائل أراد بالعقوبة في سؤاله العذاب والإهلاك؛ لأن لفظ العقوبة أعم من العذاب، والكفار يعاقبهم الله تعالى على كفرهم بالمعيشة الضنك، وبظلمة القلوب وقسوتها، ومن يُرى منهم على حال حسنة ونعيم في طعامه ولباسه ومسكنه فإنما هو ظاهر الأمر لا حقيقة بواطنهم وقلوبهم، ويشترك العاصي مع الكافر في هذا الباب.

وأما تأخير العذاب والإهلاك لمن كفر بالله تعالى: فقد ذكر الله تعالى في كتابه حِكَماً كثيرة لذلك، ومنها:

1. أنه تعالى غفور رحيم، وإنما يؤخر إهلاكهم لأجل أن يتوبوا ويُسلموا.

قال الله تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ) الكهف/58.

قال الإمام الطبري – رحمه الله -:

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منها.

(ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا) هؤلاء المعرضين عن آياته إذا ذكروا بها بما كسبوا من الذنوب والآثام.

(لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ) ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم.

" تفسير الطبري " (18 / 52) .

2. أن من صفاته تعالى الحلم، ومن أسمائه الحسنى الحليم، فهو لا يعجل بالعقوبة، بل يمهل لخلقه من غير إهمال، ولن تفوته عقوبتهم لو أراد، كما هو الحال في البشر.

أ. قال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله -:

قوله تعالى: {لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب} الآية.

بيَّن في هذه الآية الكريمة: أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب، كالكفر والمعاصي، لعجَّل لهم العذاب، لشناعة ما يرتكبونه، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة، فهو يمهل ولا يهمل". أضواء البيان " (4 / 164) .

ب. وقال – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل/61 -:

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع من في الأرض، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة؛ لأن العجلة من شأن من يخاف فوات الفرصة، ورب السموات والأرض لا يفوته شيء أراده.

وذكر هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله في آخر سورة فاطر: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ) فاطر/45 الآية، وقوله: (وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب) الكهف/ 58، الآية.

وأشار بقوله: (ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى) إلى أنه تعالى يمهل ولا يهمل.

" أضواء البيان " (3 / 263) .

3. أن عذاب الكفار حاصل ولا شك في الآخرة، وأن التأخير فيه إنما لأنه لم يحن وقته الذي قدَّره الله تعالى عليهم، وهو يوم القيامة.

قال الله تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) هود/110.

وقال تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى) طه/129.

وقال تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا) الكهف/58.

وقال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ) إبراهيم/42.

أ. قال البغوي – رحمه الله -:

(وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى) فيه تقديم وتأخير، تقديره: ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجلٌ مسمّى، والكلمة: الحُكم بتأخير العذاب عنهم، أي: ولولا حكمٌ سبق بتأخير العذاب عنهم وأجلٌ مسمى، وهو القيامة.

(لَكَانَ لِزَاماً) أي: لكان العذاب لازماً لهم، كما لزم القرون الماضية الكافرة.

" تفسير البغوي " (5 / 302) .

ب. وقال ابن كثير – رحمه الله -:

قال تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي: لولا الكلمة السابقة من الله بإنظار العباد بإقامة حسابهم إلى يوم المعاد: لعجل لهم العقوبة في الدنيا سريعاً.

" تفسير ابن كثير " (7 / 195) .

ج. وقال الشيخ السعدي – رحمه الله -:

(وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخيرهم، وعدم معاجلتهم بالعذاب.

(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بإحلال العقوبة بالظالم، ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن أخَّر القضاء بينهم إلى يوم القيامة. " تفسير السعدي " (ص 390) .

د. وقال الشنقيطي – رحمه الله -:

قوله تعالى: {بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ} الآية.

بيَّن جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه وإن لم يجعل لهم العذاب في الحال: فليس غافلاً عنهم ولا تاركاً عذابهم، بل هو تعالى جاعل لهم موعداً يعذبهم فيه، لا يتأخر العذاب عنه، ولا يتقدم. " أضواء البيان " (4 / 164، 165) .

4. وأما من كفر نعمة ربه , ولم يتعرض لرحمته، وأصر على كفره وعناده، فإن في تأخير العذاب عنه زيادة في إثمه، حتى يوافي ربه العزيز المنتقم، وقد ازداد إثمه، وأحاط به جرمه، وانقطع عذره، وذهبت حجته:

قال الله تعالى: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ٍ) ابراهيم/47 وقال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) آل عمران/178.

وقال تعالى: (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) مريم/85.

أ. قال الإمام الطبري – رحمه الله -:

وتأويل قوله: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا) : إنما نؤخر آجالهم فنطيلها ليزدادوا إثماً، يقول: يكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم وتكثر.

(وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) يقول: ولهؤلاء الذين كفروا بالله ورسوله في الآخرة عقوبة لهم مهينة مذلة.

" تفسير الطبري " (7 / 423) .

ب. وقال الطبري – أيضاً -:

وقوله (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) يقول عزّ ذكره: فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك يا محمد.

(إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) يقول: فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثماً، ونحن نعدّ أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم.

" تفسير الطبري " (18 / 252) .

فيا له من وعيد وتخويف، وياله من بأس وانتقام، حين يعد الجبار الجليل، للمجرم الآبق ما يستحقه على جرمه، حين لا مفر له ولا مهرب.

روى البخاري (4686) ومسلم (2583) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} .

ثانياً:

وأما الأمر الآخر وهو تأخر المسلمين وتقدم الكفار في أسباب المعاش، وعلوم الدنيا: فاعلم أن أمر تطورهم وتقدمهم لا يتعدى الأمور الدنيوية، وأما العلم الحقيقي، وهو العلم بالله والدار الآخرة فهم في معزل عنه. قال الله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) الروم/7.

وهذا أيضا من تمام حجة الله تعالى عليهم؛ أن أعطاهم الأسباب التي تمكنهم من العلم النافع لهم، وتدلهم على الدين الحق، فشغلوها بأمر الدنيا، ولم ينتفعوا بها فيما ينجيهم عنده، ويصلح لهم أمر آخرتهم، فينصلح تبعا له أمر دنياهم ـ أيضا ـ. قال الله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) الاحقاف/26 ولهذا قال الله تعالى، ناهيا عباده عن الاغترار بما عندهم من أسباب الدنيا، وزينتها وزخرفها،: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) آل عمران/196، 197.

قال الشوكاني رحمه الله:

(لا يَغُرَّنَّكَ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد تثبيته على ما هو عليه، كقوله تعالى (يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنوا آمِنوا) وخطاب لكل أحدٍ، وهذه الآية متضمنة لقبح حال الكفار بعد ذكر حسن حال المؤمنين، والمعنى: لا يغرنك ما هم فيه من تقلبهم في البلاد بالأسفار للتجارة التي يتوسعون بها في معاشهم، فهو متاع قليل يتمتعون به في هذه الدار ثم مصيرهم إلى جهنم، فقوله: (مَتَاعٌ) خبر مبتدأ محذوف: أي: هو متاع قليل لا اعتداد به بالنسبة إلى ثواب الله سبحانه.

(وَمَأْوَاهُم) أي: ما يأوون إليه.

والتقلب في البلاد: الاضطراب في الأسفار إلى الأمكنة، ومثله قوله تعالى (فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُم فِي البِلاَدِ) والمتاع ما يعجل الانتفاع به، وسمَّاه " قليلاً " لأنه فانٍ، وكلُّ فانٍ وإن كان كثيراً فهو قليل.

وقوله (وَبِئْسَ المَصِيرُ) ما مهدوا لأنفسهم في جهنم بكفرهم، أو ما مهد الله لهم من النار، فالمخصوص بالذم محذوف: وهو هذا المقدر.

" فتح القدير " (1 / 622، 623) .

واعلم ـ أخانا الكريم ـ أن الله تعالى قد جعل لعمارة الأرض، والتمكن من خيرها، والانتفاع بما فيها، وبلوغ أسباب القوة، سننا كونية، هي جارية على العباد كلهم؛ فمن أخذ بأسباب القوة بلغها، بإذن ربه، لكن الشأن فيمن يبلغ ذلك، كما شرع له ربه، ثم يستعمله فيما يوصله، ويوصل العباد إلى مرضاة ربه. قال الله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) الاسراء/18-20.

ثم إن من حكم الله تعالى في تيسير أسباب المعاش، وزينة الدنيا لهؤلاء الكفار، أن من أحسن منهم في شيء، تمتع بما عنده من الدنيا، جزاء حسنته، حتى إذا وافى ربه يوم القيامة، لم يكن له عند الله حسنة يجازى بها.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً؛ يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا) رواه مسلم (2808) .

ولهذا قال شداد بن أوس رضي الله عنه: (إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، والآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قاهر، ولكل بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا) صفة الصفوة (1/709) .

على أننا ـ أيضا ـ ننبه هنا إلى أن ذلك لا يعني أن يترك المؤمنون أسباب القوة، يتمتع بها الكفار، ويصدون الناس بها عن سبيل الله، بل إن المؤمن مأمور بعمارة الأرض على منهج ربه عز وجل. قال الله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) هود/61، وأمر الله تعالى عباده بالأخذ بأسباب القوة، كل القوة، في مواجهة عدوهم: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الأنفال/من الآية60

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: (أي: كل ما تقدرون عليه، من القوة العقلية والبدنية، وأنواع الأسلحة ونحو ذلك، مما يعين على قتالهم. فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع، والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والقلاع، والخنادق، وآلات الدفاع، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتعلم الرمي، والشجاعة والتدبير. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن القوة الرمي» [رواه مسلم (1917) ] .

ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى: (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ؛ وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته. فإذا كان شيء موجودا أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلم الصناعة، وجب ذلك، لأن «ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب» ) .

وانظر جواب السؤال رقم: (33679) لتقف على بعض ما في حياة الكفار من هموم وغموم وشقاء.

والله أعلم.

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015