هل تتزوج برجل من غير توثيق العقد رسميّاً؟

ƒـ[أنا سيدة مغربية، أرملة، وأم لطفلين، أستفتي حضرتكم في مسألة الزواج، حيث استعسر عليَّ الزواج بشخص متزوج عن طريق القانون المغربي؛ حيث يستوجب موافقة الزوجة، التي اشترطت الطلاق في حالة إذا ما فكَّر الزوج في التعدد، فلتفادي زعزعة البيت الأول، ولتفادي تعريض الأبناء لأي انعكاس سلبي بسبب الطلاق، ولأننا حريصون على إنشاء علاقة أساسها العفة، والتكافل: فكَّرنا في الزواج بالطريقة الشرعية، بعقد عرفي، يستوفي شروط صحة الزواج في الإسلام، وهي الشهود، والولي، والمهر، والإيجاب والقبول – طبعاً -، لكن أبي لن يقبل بهذه الصيغة، مع أنها شرعية، والصيغة القانونية مستحيلة. فكرت أن أقيم وليمة، بحضور الأب والأهل، وأُشهر الزواج، دون أن أخبر أبي بالصيغة التي سيتم بها الزواج؛ وذلك بأن أدَّعي أن الإجراءات تمت في المحكمة، مع أنها عكس ذلك، ستتم عند عدول، وشهود؛ وذلك تفادياً لأي رفض يمكن أن يأتي من قبَله، فهل يكون الزواج صحيحاً؟ علماً أن العريس خطبني من أبي، وأبي وافق على الزواج، وبقي الاختلاف فقط في الصيغة. أرجو أن تفتوني بما ييسر زواجي من هذا الشخص؛ لأني أراه نعم المعين لي على تربية أبنائي، فكل المشاكل التي واجهتنا كانت نتيجة حرصه على رعايتي أنا وأبنائي، دون أن يؤثر ذلك على استقرار أسرته، خصوصاً أن زوجته لا تناقش فكرة التعدد، وتهدد بطلب الطلاق، وأي مبادرة للزواج القانوني سيتم إخبارها قانونيّاً، وينهار استقرار الأسرة، وأي إخبار لأبي بأن الزواج ليس قانونيّاً بل فقط شرعي: سيحرمني من إنسان لمست فيه الأخلاق الحسنة، وتوسمت فيه الخير.]ـ

^الحمد لله

أولاً: سبق في جواب السؤال رقم (133144) و (98354) الكلام على هذه القوانين التي تمنع تعدد الزوجات أو تضيقه، وتشترط شروطاً مخالفة لكتاب الله تعالى.

وتوجهنا بالنصيحة للحكام الذين غيَّروا أحكام الله وبدَّلوها.

وكذلك للزوجة التي يريد زوجها أن يتزوج عليها، والزوج الذي يريد أن يعدد.

فراجعيه فهو مهم.

ثانياً:

الزواج الشرعي هو ما كان متحققاً فيه أركانه وشروطه الشرعية، مع خلوه من الموانع التي تمنع انعقاده، فإذا كان هناك إيجاب من ولي المرأة، وقبول من الرجل، وكان ذلك بحضور شهود يشهدون العقد، أو كان العقد معلَناً عنه: كان زواجاً شرعيَّاً، إذا خلا من الموانع، ولا يٌشترط في العقد الشرعي حتى يكون صحيحاً أن يوثق في المحاكم الشرعية، أو الأوراق الرسمية.

وليس الأمر بهذه السهولة في واقعنا المعاصر حتى نقول إنه يكفي أن يُجرى العقد من غير توثيق، بل حصل من التعقيدات في الحياة، ووُجد من فساد الذمم: ما احتيج معه إلى إيجاب توثيق العقود الزوجية؛ لما يترتب على ذلك من مصالح عظيمة، من إثبات النسب، والمهر، والميراث، ودفع التهمة عن الزوجة بعلاقتها مع رجل، وحملها منه، وهذا ما يدفعنا للتوكيد على ضرورة توثيق العقود الزوجية.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"إذا تمَّ القبول والإيجاب، مع بقية شروط النكاح، وانتفاء موانعه: صح، وإذا كان تقييده قانوناً يتوقف عليه ما للطرفين من المصالح الشرعية الحاضرة، والمستقبلة، للنكاح: وجب ذلك" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (18/87) .

وعليه، فإتمام العقد بالصورة التي تذكرينها ـ وإن كان العقد صحيحاً شرعاً ـ إلا أن فيه مجازفة، لأنه إذا حصل ورزقك الله بولد من هذا الزوج، فكيف سيتم تسجيله وإثبات نسبه؟ ثم اعلمي أن المحذور الذي تخافين منه بإثبات النكاح في الأوراق الرسمية، وهو طلب الزوجة الأولى الطلاق، لن يتم تفاديه، لأنه لا يمكن للرجل أن يخفي زواجه الثاني ويجعله سراً مدى الحياة.

فإذا علمت الزوجة الأولى بذلك ـ ولم تستطع طلب الطلاق رسمياً، لعدم إثبات الزواج الثاني ـ فإنها ستطلب الطلاق من زوجها، وتقع بينهما مشاكل، وتفسد العلاقة بينهما، حتى وإن لم يحصل طلاق.

فماذا سيفعل الزوج في هذه الحالة؟

نخشى أن يكون الحل هو طلاقك.

ولهذا نرى أن تصبري حتى يجعل الله لك مخرجا (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2، 3.

وليحاول هذا الزوج إقناع زوجته الأولى بالموافقة، وأنه ليس من حقها شرعاً أن تطلب الطلاق من أجل أنه قد تزوج عليها.

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك.

والله أعلم.

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015