ƒـ[سيتزوج صديقي في إحدى الدول الإسلامية، وهو مستقيم ويتبع السنة (يعفي لحيته) ، والدولة التي سيسافر إليها تحتجز الأشخاص الملتحين في المطار ثم تقوم الشرطة السرية بمتابعتهم، وصديقي لا يريد أن يسبب صعوبات لعائلة زوجته، حيث من المتوقع أن تتم متابعتهم ويتعرضون لمضايقات من قبل الحكومة، لذلك فإنه يرغب في تهذيب لحيته قليلا لهذه المناسبة فقط، ثم يطلقها مرة أخرى، وهو لم يكن ليقصر لحيته لولا الأسباب المذكورة.]ـ
^الحمد لله
إعفاء اللحية واجب شرعي، وحلقها محرم، وقد سبق في جواب السؤال رقم (1189) بيان حكم حلق اللحية وأن حلقها من المحرمات.
وقد نقل ابن حزم رحمه الله اتفاق العلماء على أن حلق اللحية لا يجوز.
" المحلى " (2 / 189) .
وأما حلقها خوفاً من الاعتقال أو تعرض معفيها للأذى: فإن هذا الخوف ليس على درجة واحدة، فمنه ما يكون ظنّاً راجحاً، ومنه ما يكون وهماً، ومنه ما يستوي طرفاه.
ولا يجوز له حلق لحيته أو تخفيفها إلا في حالة الظن الراجح، ولا يجوز فيما عداه.
ويدخل هذا الفعل في باب الضرورة، قال الله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) البقرة/173، أو في باب الإكراه، قال الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل/106.
والإكراه المعتبر في هذا: أن يلحقه ضرر من عدم حلقها، أما مجرد المضايقة والسؤال والتحقيق، فإن هذه الأمور لا يسلم منها حالق اللحية، ولا تجيز لصاحبها الوقوع في الإثم.
وللإكراه شروط لا بدَّ من تحققها حتى يجوز للمسلم أن يترخص بفعل الحرام أو قوله إذا حصل له، ومعرفتها أمر هام لادعاء كثيرين أنهم مكرَهون وليس كذلك.
قال ابن قدامة:
ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور:
أحدها: أن يكون من قادرٍ.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه.
الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب الشديد، والقيد , والحبس الطويل، فأما الشتم والسب فليس بإكراه، وكذلك أخذ المال اليسير.
فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به: فليس بإكراه، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره.
وإن تُوُعِد بتعذيب ولده: فقد قيل: ليس بإكراه؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى: أن يكون إكراها؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه , فكذلك هذا.
" المغني " (7 / 292) باختصار.
وإذا كان الأذى يُدفع بتخفيف اللحية فلا يحلقها بل يكتفي بالتخفيف، فالحلق أشد من التخفيف.
وينبغي التنبه إلى أنه يجب أن يكون محتاجاً إلى السفر لهذا البلد، أما مع عدم الحاجة إلى ذلك فلا يجوز له حلق لحيته من أجل السفر، لأنه غير مضطر إلى ذلك.
والله أعلم.
‰الإسلام سؤال وجواب