وَلَا يَتَقَلَّدُ بِهَا مِنَّةً، وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ يَدًا لَهُ عَلَى الْمَدْعُوِّ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُ لِعِلْمِهِ أَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ يَتَقَلَّدُ مِنَّةً وَيَرَى ذَلِكَ شَرَفًا وَذُخْرًا لِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ، فَمَنْ ظَنَّ بِهِ أَنَّهُ يَسْتَثْقِلُ الْإِطْعَامَ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مُبَاهَاةً أَوْ تَكَلُّفًا فَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ إِجَابَتُهُ بَلِ الْأَوْلَى التَّعَلُّلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: «لَا تُجِبْ إِلَّا دَعْوَةَ مَنْ يَرَى أَنَّكَ أَكَلْتَ رِزْقَكَ وَأَنَّهُ سَلَّمَ إِلَيْكَ وَدِيعَةً كَانَتْ لَكَ عِنْدَهُ، وَيَرَى لَكَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ فِي قَبُولِ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ، فَإِذَا عَلِمَ الْمَدْعُوُّ أَنَّهُ لَا مِنَّةَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ» .