صَدَرَ مِنْ جَاهِلٍ رَفِقَ بِالْجَاهِلِ وَعَلَّمَهُ، فَمِنْ ذَلِكَ الْأَمْرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَمَنْعُ الْمُنْفَرِدِ بِالْوُقُوفِ خَارِجَ الصَّفِّ، وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ. وَعَنْ «عمر» - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «تَفَقَّدُوا إِخْوَانَكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا فَقَدْتُمُوهُمْ فَإِنْ كَانُوا مَرْضَى فَعُودُوهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَصِحَّاءَ فَعَاتِبُوهُمْ» وَالْعِتَابُ إِنْكَارٌ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَسَاهَلَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ الْأَوَّلُونَ يُبَالِغُونَ فِيهِ.
اعْلَمْ أَنَّ مَا عَدَا الْفَرَائِضِ مِنَ الصَّلَوَاتِ يُسَمَّى نَافِلَةً وَتَطَوُّعًا، فَمِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسْبَابٍ كَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَمِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْقَاتٍ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. فَمِنَ الثَّانِي رَاتِبَةُ الصُّبْحِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَشْتَغِلْ بِالْمَكْتُوبَةِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ» ، ثُمَّ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ قَامَ إِلَيْهِمَا وَصَلَّاهُمَا. وَرَاتِبَةُ الظُّهْرِ أَرْبَعٌ قَبْلَهَا وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلُ وَبَعْدُ. وَرَاتِبَةُ الْعَصْرِ وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَهَا وَلَمْ تَكُنْ مُوَاظَبَتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَيْهَا كَمُوَاظَبَتِهِ عَلَى نَافِلَةِ الظُّهْرِ. وَرَاتِبَةُ الْمَغْرِبِ: وَهُمَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، وَأَمَّا رَكْعَتَانِ قَبْلَهَا بَيْنَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ وَإِقَامَتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَادَرَةِ فَكَانَ يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَصَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - بِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ. وَرَاتِبَةُ الْعِشَاءِ: بَعْدَهَا رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ. وَأَمَّا الْوِتْرُ فَوَقْتُهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَكْثَرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَهُ أَنْ يُوتِرَ بِتِسْعٍ وَسَبْعٍ وَخَمْسٍ وَثَلَاثٍ مَوْصُولَةً بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَفْصُولَةً بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَجَعْلُهُ بَعْدَ التَّهَجُّدِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ. وَأَمَّا صَلَاةُ الضُّحَى: فَأَكْثَرُ مَا نُقِلَ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهَا ثَمَانٍ، وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ، وَوَقْتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا. وَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ: فَهِيَ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَشِعَارٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ، وَيُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْعِيدِ الِاغْتِسَالُ وَالتَّزَيُّنُ وَالتَّطَيُّبُ. وَأَمَّا صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ: فَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً، وَكَيْفِيَّتُهَا مَعْرُوفَةٌ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْخُسُوفِ: فَرَكْعَتَانِ يُنَادِي لَهُمَا وَيُصَلِّيهِمَا الْإِمَامُ بِالنَّاسِ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا رُكُوعَانِ وَسُجُودَانِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَهُمَا وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَوَقْتُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْخُسُوفِ إِلَى تَمَامِ الِانْجِلَاءِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ: فَإِذَا غَارَتِ الْأَنْهَارُ وَانْقَطَعَتِ الْأَمْطَارُ فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَوَّلًا بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا أَطَاقُوا مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي، ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِمُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ، وَبِالْعَجَائِزِ وَالصِّبْيَانِ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ مُتَوَاضِعِينَ، وَلَوْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَيْضًا مُتَمَيِّزِينَ لَمْ يُمْنَعُوا، فَإِذَا اجْتَمَعُوا فِي الْمُصَلَّى الْوَاسِعِ مِنَ الصَّحْرَاءِ نُودِيَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَصَلَّى بِهِمُ الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَيُكْثِرُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْجَنَائِزِ: فَكَيْفِيَّتُهَا مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ مِنْ فَرَائِضِ الْكِفَايَاتِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ نَفْلًا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِحُضُورِ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا تَحِيَّةُ