الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد القهار، يفعل ما يريد ويختار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يعجزه شيء، وإذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق المأمون. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فيا عباد الله. إن التفكر في آيات الله ينبه القلب من رقدته. ولنستمع إلى ما رواه أبو نعيم في الحُلْية عن ثلاثة عباد باتوا على ساحل البحر وتفكروا فيه.
روى بسنده عن مسمع بن عاصم، قال: بت أنا وعبد العزيز بن سلمان وكلاب بن جري وسلمان الأعرج على ساحل من بعض السواحل، فبكى كلاب حتى خشيت أن يموت، ثم بكى عبد العزيز لبكائه، ثم بكى سلمان لبكائهما، وبكيت أنا أيضًا لبكائهم، ثم لا أدري ما أبكاهم. فلما كان بعدُ سألت عبد العزيز فقلت: أبا محمد ما الذي أبكاك ليلتك؟ قال: إني نظرت والله إلى أمواج البحر تموج وتحيك فذكرت أطباق النيران وزفراتها فذاك الذي أبكاني. ثم سألت كلابًا وسلمان فقالا لي نحوًا من ذلك. قال: فما كان في القوم شر مني ما كان بكائي إلا لبكائهم رحمة لما كانوا يصنعون بأنفسهم (?) .