الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ...
أما بعد: فقد قال الله جل وعلا: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعرَاف: 185] .
عباد الله: النظر في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم وأمثالها نوعان: نظر إليها بالبصر الظاهر- فيرى مثلاً زرقة السماء ونجومها وعلوها وسعتها- وهذا نظر يشارك الإنسان فيه غيره من الحيوانات، وليس هو المقصود بالأمر. الثاني: أن يتجاوز هذا إلى النظر بالبصيرة الباطنة فتفتح له أبواب السماء فيجول في أقطارها وملكوتها وبين ملائكتها، ثم يفتح له باب بعد باب حتى ينتهي به سير القلب إلى عرش الرحمن فينظر سعته وعظمته وجلاله ومجده ورفعته، ويرى السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة إليه كحلقة ملقاة بأرض فلاة (?) ويرى الملائكة حافين من حوله لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتقديس والتكبير، والأمر ينزل من فوقه بتدبر الممالك والجنود التي لا يعلمها إلا ربها ومليكها ينزل الأمر بإحياء قوم وإماتة آخرين، وإعزاز قوم وإذلال آخرين، وإسعاد قوم وشقاوة آخرين، وإنشاء مُلك