وآلة المعاش على اختلافها، ولولا هدايته سبحانه لهم إلى ذلك لما كان لهم علم شيء منه.
ومن منافعها أيضًا أنها ترد الرياح العاصفة وتكسر حدتها فلا تدعها تصدم ما تحتها. ومن منافعها أيضًا أنها ترد عنهم السيول إذا كانت في مجاريها فتصرفها عنهم ذات اليمين وذات الشمال، ولولاها خربت السيول في مجاريها ما مرت به فتكون لهم بمنزلة السد. ومن منافعها أنها أعلام يستدل بها في الطرقات، ولهذا سماها الله أعلامًا، فقال: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشّورى: 32] فالجواري السفن، والأعلام الجبال. ومن منافعها ما ينبت فيها من العقاقير والأدوية التي لا تكون في السهول والرمال، كما أن ما ينبت في السهول والرمال لا ينبت مثله في الجبال.
وفيها من المنافع ما لا يعلمه إلا خالقها ومبدعها سبحانه.
وإذا تأملت خلقتها العجيبة البديعة وجدتها في غاية المطابقة للحكمة؛ فإنها لو طالت واستدقت كالحائط لتعذر الصعود عليها والانتفاع بها وسترت عن الناس الشمس والهواء فلم يتمكنوا من الانتفاع بها، ولو بسطت على وجه الأرض لضيقت عليهم المزارع والمساكن ولملئت السهل، ولو جعلت مستديرة شكل الكرة لم يتمكنوا من صعودها ولما حصل لهم بها الانتفاع التام.
فخلقها ومنافعها من أكبر الشواهد على قدرة بارئها وفاطرها وعلمه وحكمته ووحدانيته.