ولا يستغني عن صاحبه وفي ذلك أظهر دلالة على أنها مخلوقة مصنوعة، مربوبة، مدبرة، حادثة بعد عدمها، فقير إلى موجد غني عنها مؤثر فيها غير متأثر، قديم غير محدث، تنقاد المخلوقات كلها لقدرته، وتجيب داعي مشيئته، وتلبي داعي وحدانيته وربوبيته، وتشهد بعلمه وحكمته، وتدعو عباده إلى ذكره وشكره وطاعته وعبوديته ومحبته، وتحذرهم من بأسه ونقمته، وتحثهم على المبادرة إلى رضوانه وجنته.
فإذا كان يوم الوقت المعلوم وقد ثقلها حملها وحان وقت الولادة ودنو المخاض أوحى إليها ربها وفاطرها أن تضع حملها وتخرج أثقالها، فتخرج الناس من بطنها إلى ظهرها، وتقول: يا رب: هذا ما استودعتني، وتخرج كنوزها بإذنه تعالى، ثم تحدث أخبارها وتشهد على بنيها بما عملوا على ظهرها من خير وشر. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} [الزّلزَلة: 1] ... إلى آخر السورة.
الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستيعنه ونستغفره ونتوب إليه ...
وبعد: فقد قال سبحانه: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [النَّازعَات: 32] وقال بعد ذكر الأمر بالنظر إلى الإبل والسماء {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} [الغَاشِيَة: 19] .
ثم انظر كيف أحكم جوانب الأرض بالجبال الراسيات الشوامخ