وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة، وما هو مُتَصَرَّف فيه من الأقدار التي لا يجوزها ولا يتعداها- يدل بهذه الآيات على صدق آياته القرآنية وصدق رسوله. ثم ذكر أعظم من ذلك وأجل وهو شهادته سبحانه على كل شيء شهد لرسوله بقوله الذي أظهر البراهين على صدقه فيه، وبفعله، وإقراره، وبما فطر عليه عباده من الإقرار له بكماله سبحانه، وفي كل وقت يحدث من الآيات الدالة على صدق رسوله ما يقيم به الحجة، ويزيل به العذر، ويحكم له ولأتباعه بما وعدهم به من العز والنجاة والظفر والتأييد، ويحكم على أعدائه ومكذبيه بما توعدهم به من الخزي والنكال والعقوبات المعجلة. وقال تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقِعَ: 80] . استدل بكونه رب العالمين على ثبوت رسالة رسوله وصحة ما جاء به، وهذا أقوى من الاستدلال بالمعجزات وخوارق العادات.
وكذلك آيات الأنبياء قبله وبراهينهم وأدلتهم شهادة من الله سبحانه لهم بينها لعباده غاية البيان، وأظهرها لهم غاية الإظهار بقوله وفعله، ففي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة» .
وهذه الآيات التي تسمى (المعجزات) مأخوذة من طُرقِ الحس لمن شاهدها، ومن طريق استفاضه الخبر لمن غاب عنها.
فلما ثبتت النبوة صارت أصلاً في قبول ما دعا إليه النبي فانقلاب عصا تقلها اليد ثعبانًا عظيمًا يبتلع ما بحضرته من حبال وعصي لا