وأبو يعلى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار: يا رب إن عبدك فلانًا استجار مني فأجره، ولا سأل عبد الجنة سبع مرات إلا قالت الجنة: يا رب إن عبدك فلانًا سألني فأدخله الجنة» .
والصحابة رضي الله عنهم مع فضلهم وكذا التابعون لهم بإحسان يخافون من النار، والخوف منها سبب النجاة، وكانوا يربون أنفسهم على الخوف منها؛ روى ابن المبارك بسنده قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريَم: 71] .
ذهب الصحابي عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى، وجاءت المرأة فبكت، وجاءت الخادمة فبكت، ثم جاء أهل البيت فجعلوا يبكون كلهم، فلما انقضت عبرته قال: يا أهلاه! ما يبكيكم؟ قالوا: لا ندري، ولكنا رأيناك تبكي فبكينا. قال: آية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبؤني فيها ربي أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، وروى الإمام أحمد بسنده عن الحسن قال: قال رجل لأخيه: قد جاءك عن الله أنك وارد جهنم؟ قال: نعم. قال: فأيقنت بالورود؟ قال: نعم. قال: فأيقنت وصدقت بذلك؟ قال: نعم. وكيف لا أصدق وقد قال الله - عز وجل -: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريَم: 71] قال: فأيقنت أنك صادر عنها؟ قال: والله ما أدري أأصدر عنها، أم لا؟ قال: ففيم التثاقل، وفيم الضحك، وفيم اللعب. قال: فما رؤي ضاحكًا حتى لحق بالله.
وعوتب يزيد الرقاشي على كثرة بكائه، وقيل له: لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا فقال: وهل خلقت النار إلا لي