بها كذلك، ثم الثالثة، ثم الرابعة إلى أن ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله - عز وجل -؛ فتحيي ربها تبارك وتعالى بتحية الربوبية: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارك يا ذا الجلال والإكرام. فإن شاء أذن لها بالسجود، ثم يخرج لها التوقيع بالجنة، فيقول الرب جل جلاله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، ثم أعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى.
ثم ترجع روحه إلى الأرض، فتشهد غسله وتكفينه وحمله وتجهيزه وتقول: قدموني قدموني.
فإذا وضع في لحده وتولى عنه أصحابه دخلت الروح معه، حتى إنه يسمع قرع نعالهم على الأرض، فأتاه حينئذ فتانا القبر، فيجلسانه ويسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد. فيصدقانه، ويبشرانه بأن هذا الذي عاش عليه، ومات عليه، وعليه يبعث. ثم يفسح له في قبره مدَّ بصره، ويفرش له خَضِرًا، ويقيض له شاب حسن الوجه والرائحة، فيقول: أبشر بالذي يسرك. فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح. ثم يَفْتَحُ له طاقةً إلى النار، ويقول: انظر ما صرف الله عنك. ثم يَفْتَح له طاقة إلى الجنة، ويقول: انظر ما وعد الله لك، فيراهما جميعًا.
وأما النفس الفاجرة فبالضد من ذلك كله: إذا أذنت بالرحيل نزل عليها ملائكة سود الوجوه، معهم حنوط من نار وكفن من
نار، فجلسوا منها مدَّ البصر، ثم دنا الملك الموكل بقبض النفوس فاستدعى بها وقال: أخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد