الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الشافع المشفع في يوم المحشر. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم على الأثر.
أما بعد: فيا عباد الله: روى مسلم ففي صحيحه، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يسأل عن الورود في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريَم: 71] فقال: «نجيء نحن يوم القيامة على كُوْم فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد: الأول، فالأول؛ ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنتظرون؟ فيقولن: ننتظر ربنا. فيقول: أنا ربكم، فيقولون حتى ننظر إليك فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم فيتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورًا ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألف لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوء نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويَجْعَلُ أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل ويذهب حُرَاقُهُ، ثم يَسْأَل حتى يَجْعَل لَه الدنيا وعشرة أمثالها معها» .