الخطبة الثانية
الحمد لله الذي يرجى من كرمه أن يحيي القلوب الميتة بالذنوب وطول الغفلة بسماع الذكر النازل من السماء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته لا من الأنبياء ولا من الصلحاء ولا من يسمونهم بالأولياء. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خير خلق الله من الأولين والآخرين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله: لا شك أن الله سبحانه خلق لعباده دارين يجزيهم فيها بأعمالهم مع البقاء في الدارين من غير موت، وخلق دارًا معجلة للأعمال، وجعل فيها موتًا وحياة، وابتلى عباده فيها بما أمرهم به ونهاهم عنه، وجعل إحدى الدارين المخلوقتين للجزاء دار نعيم محض لا يشوبه ألم، والأخرى دار عذاب محض لا يشوبه راحة، وهذه الدار الفانية ممزوجة بالنعيم والألم؛ فما فيها من نعيم يذكر بنعيم الجنة، وما فيها من ألم يذكر بألم النار فاسألوه- يا عباد الله- الجنة واستعيذوا به من النار. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم شديد الحر فقال العبد: لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم. قال الله لجهنم: إن عبدًا من عبادي قد استجار بي منك وقد أجرته. وإذا كان يوم شديد البرد فقال العبد: لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم. اللهم أجرني من زمهرير جهنم. قال الله لجهنم: إن عبدًا من عبادي قد استجار بي منك فأجرته» .