رحمه الله: كان الصحابة يقولون: الحمد لله الرفيق الذي لو جعل هذا الخلق خلقًا دائمًا لا ينصرف لقال الشاك في الله: لو كان لهذا الخلق رب لحادثه، وإن الله قد حادث بما ترون من الآيات: إنه جاء بضوء طبق ما بين الخافقين، وجعل فيها (معاشًا وسراجًا وهاجًا) . ثم إذا شاء ذهب بذلك الخلق وجاء بظلمة طبقت ما بين الخافقين، وجعل فيها سكنًا ونجومًا وقمرًا منيرًا، وإذا شاء بنى بناء جعل فيه المطر والرعد والبرق والصواعق ما شاء، وإن شاء صرف ذلك الخلق.
وإذا شاء جاء ببرد يقرقف الناس، وإذا شاء ذهب بذلك وجاء بحر يأخذ بالأنفاس، ليعلم الناس أن لهذا الخلق ربًا يحادثه بما ترون من الآيات، كذلك إذا شاء ذهب بالدنيا وجاء بالآخرة.
وقال خليفة العبدي: ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق لهم ربهم حتى أيقنت قلوبهم، وحتى كأنما عبدوا الله عن رؤيته، ما رأى العرافون شيئًا من الدنيا إلا تذكروا به ما وعد الله به من جنسه في الآخرة من كل خير وعافية أو خلاف ذلك.
فكل ما في الدنيا يدل على خالقه ويذكر به، ويدل على صفاته فما فيها من نعيم وراحة يدل على كرم خالقه وفضله وإحسانه وجوده ولطفه بأهل طاعته. وما فيها من نقمة وشدة وعذاب يدل على شدة بأسه وبطشه وقهره وانتقامه ممن عصاه فنبات الأرض واخضرارها في الربيع بعد محولها ويبسها في الشتاء وإيناع الأشجار واخضرارها بعد كونها خشبًا يابسًا يدل على بعث الموتى
من الأرض. قال أبو رزين العقيلي للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: «هل مررت بواد أُهلك محلاً،