وفي سورة الحشر {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] وفي سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75] . فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وهو تبارك وتعالى لا يرضى إلا عمن علم أنه يموت على الإسلام والإحسان. فيا ويل من سبهم، أو أبغضهم، أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر، والخليفة الأعظم، أبا بكر رضي الله عنه؛ فقد نطقت بفضله الآيات والأخبار، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التّوبَة: 40] دُعْيَ إلى الإسلام فما تلعثم ولا أبى، وسار على المحجة فما زل ولا كبا، وصبر من مُدى العدى على وقع الشبا، وأكثر في الإنفاق حتى تخلل بالعبا، تالله لقد زاد على السبك في كل دينار دينار: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} من كان قرين النبي في شبابه؟ من الذي سبق إلى الإيمان من أصحابه؟ من الذي أفتى بحضرته سريعًا في جوابه؟ من أول من صلى معه؟ من آخر من صلى به؟ من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟ فاعرفوا حق الجار. نهض يوم الردة بفهم واستيقاظ، وأبان من الكتاب معنىّ دق عن حديد الألحاظ، فالمحب يفرح بفضائله، والمبغض يغتاظ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفَتْح: 29] فهو ثاني اثنين في الإسلام، وفي النفس، وفي الزهد، وفي الصحبة، وفي الخلافة، وفي العمر، وفي سبب الموت؛ لأن