معه صلاح أبدًا، يذهب خيره كله، وتمتص الأرض الحياء من وجهه، فلا يستحيي بعد لا من الله ولا من الناس، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن.
وعقوبته أغلظ من عقوبة الزاني لإجماع الصحابة على ذلك ولغلظ حرمته وانتشار فساده، ولأن الله سبحانه لم يعاقب أمة ما عاقب اللوطية، وجمع الله عليهم من أنواع العقوبات ما لم يجمعه على أمة من الأمم: من عمى الأبصار، وخسف الديار، والقذف بالأحجار، ودخول النار، وجعل ديارهم وآثارهم عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين.
وروى الترمذي والحاكم وابن ماجه عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط» وفي المسند والسنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» وإسناده على شرط البخاري. وحرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك.
كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلاً ينكح كما تنكح المرأة. فجمع أبو بكر رضي الله عنه ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاستشارهم، فقال علي رضي الله عنه: إن هذا لم يعمل به أمة من الأمم إلا أمة واحدة فصنع الله بهم ما علمتم أرى أن تحرقوه بالنار، فأحرقوه بالنار.