إلى قلب ابن آدم وصدره، ذلك هو «الشيطان» أعاذنا الله منه يجري من ابن آدم مجرى الدم، قد وكل بالعبد من حين ولادته لا يفارقه إلى الممات: يوسوس إليه، ويخطر الذنب بباله فيصوره له ويمنيه، ويشهيه فيصير «شهوة» . ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه فيصير «إرادة» ثم لا يزال يمثل ويخيل ويمني ويشهي، وينسيه علمه بضررها، ويطوي عنه سوء عاقبتها، فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها، فتصير الإرادة «عزيمة» فيشتد الحرص عليها من القلب، فيبعث الجنود في الطلب، فيبعث الشيطان مددًا لهم وعونًا، فإن فتروا حركهم، وإن ونوا أزعجتهم، فلا تزال بالعبد تقوده إلى الذنب، وتنظم شمل الاجتماع عليه بألطف حيلة، وأتم مكيدة. قال عروة بن رويم: «إن المسيح - عليه السلام - سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم فجلي له، فإذا رأسه رأس الحية، واضع رأسه على ثمرة القلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، وإذا لم يذكر وضع رأسه على ثمرة قلبه فمناه وحدثه» . وفي الصحيحين من حديث الزهري، عن صفية بنت حيي، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتكفًا فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «على رسلكما، إنها صفية بنت حيي» فقالا: سبحان الله يا رسول الله فقال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا» ، أو قال: «شرًا» وفي الصحيح أيضًا عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، فإذا قضى أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا