الملة، ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد، وهي محض حق الله على العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والمال والذرية في هذه الدار، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار، وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنة إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله إلا من تعلق بسببه، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر عن دار الإسلام، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان، وهي العمود الحامل للفرض والسنة، «ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» .

عباد الله: إن روح هذه الكلمة وسرها إفراد الرب جل ثناؤه بالمحبة والتعظيم والخوف والرجا وتوابع ذلك من التوكل والإنابة والرغبة والرهبة- فلا يحب سواه المحبة المقتضية للذل والخضوع- بل كل ما كان يحب فإنما هو تبع لمحبته ووسيلة إلى محبته- ولا يخاف سواه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يرهب إلا منه، ولا يحلف إلا باسمه، ولا ينذر إلا له، ولا يتاب إلا إليه، ولا يطاع إلا أمره، ولا يحتسب إلا به، ولا يستعان في الشدائد إلا به، ولا يلتجأ إلا إليه، ولا يركع إلا له، ولا ينحنى إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه- ويجتمع ذلك في عبارة واحدة وهي «أن لا يعبد بجميع أنواع العبادة إلا هو سبحانه» .

واعلموا عباد الله أن لا إله إلا الله لا تنفع قائلها إلا بعد معرفة معناها، والعمل بمقتضاها، والسلامة مما يناقضها- لابد في شهادة لا إله إلا الله من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فإن اختل واحد من هذه الثلاثة لم يكن الرجل مسلمًا- فإذا كان مسلمًا وعاملاً بالأركان ثم حدث منه قول أو فعل أو اعتقاد يناقض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015