الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، ومن غوى فلن يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه الكريم: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 69، 70] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله طبيب القلوب العارف بأدوائها، الناصح المرشد لأتم صحتها وصلاحها، القائل: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» .
أما بعد: فقد صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن. وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس فذلك قلب المنافق. عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمي. وقلب تمده مادتان: مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما» . وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله. فالقلب الطاهر لكمال حياته ونوره وتخلصه من الأدران والخبائث لا يشبع من القرآن، ولا يتغذى إلا بحقائقه، ولا يتداوى إلا بأدويته؛ بخلاف القلب الذي لم يطهره الله فإنه يتغذى من الأغذية التي تناسبه بحسب