كل جزء منها لما يراد له، وقدره لما خلق له على أبلغ الوجوه، وألقاها على باب الجنة أربعين سنة (?) والملائكة تراها ولا تعرف ما يراد منها، وإبليس يمر على جسده فيعجب منه ويقول: خلقتَ لأمر عظيم؛ ولئن سلطت عليك لأهلكنك، ولئن سلطت علي لأعصينك. ولم يعلم أن هلاكه على يده.
فلما تكامل تصويرها وصارت جسدًا مصورًا مشكلاً كأنه ينطق إلا أنه لا روح فيه ولا حياة أرسل الله إليه روحه (جبريل) فنفخ فيه نفخة، وانقلب ذلك الطين لحمًا ودمًا وعظامًا وعروقًا وسمعًا وبصرًا وشمَّاً ولُمْسًا وحركة وكلامًا، فأول شيء بدأ به أن قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فقال له خالقه وباريه ومصوره: يرحمك الله يا آدم. فاستوى جالسًا أجمل شيء وأحسنه منظرًا، وأتمه خلقًا، وأبدعه صورة. فقال الرب تعالى لجميع ملائكته: {اسْجُدُوا لِآَدَمَ} [البَقَرَة: 34] فبادروا بالسجود، تعظيمًا وطاعة لأمر الواحد المعبود (?) . ثم قال لهم: لنا في هذه القبضة من التراب شرع أبدع مما ترون، وجمال باطنٍ أحسنُ مما تبصرون، فلنزين باطنه أحسن من زينة ظاهره، ولنجعلنه من أعظم آياتنا، نعلمه أسماء كل شيء مما لا تحسنه الملائكة. ثم اشتق منه صورة هي مثله في الحسن والجمال (حواء) ليسكن إليها وتقر نفسه، وليخرج من بينهما من لا يحصي عدده سواه من الرجال والنساء.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن