عيسى بن مريم. وقد خالف في ذلك بعض الخوارج والمعتزلة والجهمية فأنكروا وجوده وردوا الأحاديث الصحيحة، وذهب طوائف منهم كالجبائي إلى أنه صحيح الوجود، لكن كل الذي معه مخاريق وخيالات لا حقيقة لها، وألجأهم إلى ذلك أنه لو كان ما معه بطريق الحقيقة لم يوثق بمعجزات الأنبياء، وهو غلط منهم، لأنه لم يدع النبوة فتكون الخوارق تدل على صدقه، وإنما ادعى الالهية وصورة حاله تكذبه لعجزه ونقصه، فلا يغتر به إلا رعاع الناس إما لشدة الحاجة والفاقة، وإما تقية وخوفا من أذاه وشره مع سرعة مروره في الأرض، فلا يمكث حتى يتأمل الضعفاء حاله، فمن صدقه في تلك الحال لم يلزم منه بطلان معجزات الأنبياء، ولهذا يقول له الذي يحييه بعد أن يقتله، ما ازددت فيك إلا بصيرة. (?)
قلت -أي ابن حجر-: ولا يعكر على ذلك ما ورد في حديث أبي أمامة عند ابن ماجه أنه يبدأ فيقول أنا نبي، ثم يثني فيقول أنا ربكم (?) فإنه يحمل على أنه إنما يظهر الخوارق بعد قوله الثاني. (?)