فسلك الجهمي في مذهبه طريق أولئك، وقال في الله وتقول عليه البهتان بغير برهان، وافترى على الله الكذب، وتعدى ما أخذه الله من الميثاق على خلقه حين قال: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (?) وقال: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} (?). ومن أبين البيان وأوضح البرهان من تفريق الله بين الخلق والقرآن قوله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} (?) فتفهموا هذا المعنى، هل تشكون أنه قد دخل في ذلك الخلق كله؟ وهل يجوز لأحد أن يظن أن قوله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ} أراد أن له بعض الخلق؟ بل قد دخل الخلق كله في الخلق. ثم أخبر أن له أيضاً غير الخلق ليس هو خلقاً، لم يدخل في الخلق وهو {الأمر}، فبين أن الأمر خارج من الخلق، فالأمر أمره وكلامه. ومما يوضح ذلك عند من فهم عن الله وعقل أمر الله أنك تجد في كتاب الله ذكر الشيئين المختلفين إذا كانا في موضع فصل بينهما بالواو، وإذا كانا شيئين غير مختلفين لم يفصل بينهما بالواو، فمن ذلك ما هو شيء واحد وأسماؤه مختلفة ومعناه متفق، فلم يفصل بينهما بالواو. وقوله عز وجل: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015