الله صدره للإيمان أن "جعل" في كتاب الله على غير معنى "خلق"، و"جعل" أيضاً بمعنى "خلق"، وأن قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} (?) على غير معنى "خلق". فبأي حجة وفي أي لغة زعم الجهمي أن كل "جعل" على معنى "خلق".

ألم يسمع إلى قوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)} (?)؟ أفترى الجهمي يظن أن قوله: {وَنَجْعَلَهُمْ أئمة} إنما يريد: أن نخلقهم أئمة؟ أفتراه يخلقهم خلقاً آخر بعد خلقهم الأول؟ فهل يكون معنى "الجعل" هاهنا معنى "الخلق"؟ قال عز وجل: {ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)} (?) لا يعني: ثم خلقنا له جهنم، لأن جهنم قد تقدم خلقها، ولم يرد أنها تخلق حين يفعل العبد ذلك، ولكنه إذا فعل العبد ذلك جعلت داره ومسكنه بعد ما تقدم خلقها. وقال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} (?) وقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015