موجودان معروفان بإقبالهما وإدبارهما، فهل يعرف القرآن بإقبال وإدبار؟ وقال: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} (?) معناه خلق، والشمس نور وحر وهي ترى، فهل يمكن ذلك في القرآن؟ وقال: {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)} (?)
يعني: خلقت، والمال موجود يوزن ويعد ويحصى ويعرف، فهل يوزن القرآن؟ وقال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19)} (?) وهي موجودة، يُمشى عليها وتحرث، فهل يمكن مثل ذلك في القرآن؟ فهذا كله على لفظ "جعل" ومعناه معنى الخلق. وقد ذكر معنى الجعل منه في مواضع كثيرة على غير معنى الخلق، من ذلك قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سائبة وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (?) لا يعني: ما خلق الله من بحيرة، لأنه هو خلق البحيرة والسائبة والوصيلة، ولكنه أراد أنه لم يأمر الناس باتخاذ البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. فهذا لفظ "جعل" على غير معنى "خلق"، وقال تعالى لإبراهيم خليله عليه السلام: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (?) لا يعني: خالقك، لأن خلقه قد سبق إمامته. وقال لأم موسى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ