كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين.

فخرجت، فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي، وقال: ما الذي كرهت؟ قلت: يا أمير المؤمنين، متى يتسارعوا هذه المسارعة، يحتقوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك، والله إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها.

وروي عن جابر، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي" (?). وروي عن جبير بن نفير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه" (?)، يعني: القرآن. وروي عن ابن مسعود، قال: جردوا القرآن، لا تكتبوا فيه شيئا إلا كلام الله. وروي عن عمر أنه قال: هذا القرآن كلام الله، فضعوه مواضعه. وقال رجل للحسن: يا أبا سعيد، إني إذا قرأت كتاب الله، وتدبرته، كدت أن آيس، وينقطع رجائي، فقال: إن القرآن كلام الله، وأعمال ابن آدم إلى الضعف والتقصير، فاعمل وأبشر. وقال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جارا لخباب، فخرجت يوما معه إلى المسجد، وهو آخذ بيدي، فقال: يا هناه، تقرب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. وقال رجل للحكم: ما حمل أهل الأهواء على هذا؟ قال: الخصومات. وقال معاوية بن قرة: إياكم وهذه الخصومات، فإنها تحبط الأعمال. وقال أبو قلابة: لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015