ثالثًا: المرحلة الطينية.
ففي القرآن ذكر هذه المرحلة بعدة صفات:
الطين -سلالة من طين- طين لازب، فإنه تعالى مزج بين الأرض والماء ليمتزج الكثيف فيصير طينًا وهو قوله: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}، ثم قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (المؤمنون: 12)، والسلالة بمعنى: المفعولة؛ لأنها هي التي تسل من ألطف أجزاء الطين (?).
وهذا الطين يتميز بخاصية وصفة اللزوجة (طين لازب)، وكان الطين لازبًا أي: لاصقًا، وقيل: لزجًا وفي هذا يقول تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} (الصافات: 11).
قال ابن منظور: ولَزِبَ الطينُ يَلْزُبُ ولُزُويًا، ولزُبَ: لَصِقَ وصَلُب، وفي حديث عليّ -رضي اللَّه عنه-: دخَل بالبَلَّةِ حتى لَزَبَتْ أَي لَصقتْ ولزمت، وطينٌ لازبٌ أَي: لازقٌ؛ قال اللَّه تعالى: {مِنْ طِينٍ لَازِبٍ}.
رابعًا: المرحلة الحمنية.
حيث تحول الطين إلى مادة أخرى مشتقة منه هي الحمأ أي: الطين المتغير أو الطين المنتن، فقد صار هذا الطين اللازب منتنًا، فقال تعالى في ذلك: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (الحجر: 26).
قال الرازي: الحَمَأُ: بفتحتين والحَمَأةُ بسكون الميم الطين الأسود، حمأ: الحَمْأَةُ، والحَمَأُ: الطين الأَسود المُنتن، وفي التنزيل: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (الحجر: 26) (?).
المَسْنون: المُنْتِن، وقوله تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} قال أَبو عمرو: أَي متغير منتن، وقال أَبو الهيثم: سُنَّ الماءُ فهو مَسْنُون أَي: تغيَّر (?).
قال شمس الدين محمد بن أحمد الشربيني: (من حمأ) أي: طين أسود منتن (مسنون)، أي: مصوّر بصورة الآدمي.