قال الطحاوي: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِما رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عِليُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَأَنْ أَحْلِفَ عَشْرَ مِرَارٍ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ مَرَّةً وَاحِدَةً إنَّهُ لَيْسَ بِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ بَعَثَنِي إلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: سَلْهَا كَمْ حَمَلَتْ بِهِ؟ فَسَألْتُهَا فَقَالَتْ: حَمَلْت بِهِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلَيْهَا الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: سَلْهَا عَنْ صِيَاحِهِ حِينَ وَقَعَ؟ فَأَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: صَاحَ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ابْنِ شَهْرَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنِّي قَدْ خَبَأْت لَك خَبِيئًا، قَالَ: خَبَأْت لِي عَظْمَ شَاةٍ عَفْرَاءَ، وَالدُّخَانَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ الدُّخَانَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ: الدُّخُّ الدُّخُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اخْسَأْ فَإِنَّك لَنْ تَسْبِقَ الْقَدَرَ (?).
فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ حِكَايَةَ أَبِي ذَرٍّ عَنْ أُمِّ ابْنِ صَيَّادٍ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ اثْنَيْ عَشَر، وَلَيْسَ فِيهِ رُجُوعُهُ بِذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَيُنْكِرَهُ أَوْ لَا يُنْكِرَهُ، فَنَظَرْنَا هَلْ نَجِدُ ذَلِكَ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَى: ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ يَعْنِي: ابْنَ زِيَادٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: لَأَنْ أَحْلِفَ عَشْرًا إنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ يَمِينًا وَاحِدَةً إنَّهُ لَيْسَ هُوَ؛ وَذَلِكَ لِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ