وقال ابن عبد السلام: المقصود إيلام الأرواح بواسطة الجلود واللحم فتحرق الجلود لإيلام الأرواح واللحم والجلد لا يألمان فإذا احترق الجلد فسواء أُعيد بعينه أو أُعيد غيره، أو تعاد تلك الجلود الأول جديدة غير محترقة، أو الجلود المعادة هي سرابيل القطران سميت جلودًا لكونها لباسًا لهم؛ لأنها لو فنيت ثم أُعيدت لكان ذلك تخفيفًا للعذاب فيما بين فنائها وإعادتها، وقد قال تعالى: {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (البقرة: 162) (?).

ويبدأ الآلوسي من حيث انتهى من قبله وينفي عن نفسه أن يظن به سوءًا وهي فكرة استحالة إيجاد المعدوم ويستعيذ باللَّه من هذا الظن؛ فيقول: أي أعطيناهم مكان كل جلد محترق عند احتراقه جلدًا جديدًا مغايرًا للمحترق صورة وإن كانت مادته الأصلية موجودة بأن يزال عنه الإحراق، فلا يرد أن الجلد الثاني لم يعص فكيف يعذب؟ وذلك لأنه هو العاصي باعتبار أصله فإنه لم يبدل إلا صفته. وعندي أن هذا السؤال مما لا يكاد يسأله عاقل فضلًا عن فاضل؛ وذلك لأن عصيان الجلد وطاعته وتألمه وتلذذه غير معقول لأنه من حيث ذاته لا فرق بينه وبين سائر الجمادات من جهة عدم الإدراك والشعور، وهو أشبه الأشياء بالآلة فَيَدُ قاتل النفس ظلمًا مثلًا آلة له كالسيف الذي قتل به، ولا فرق بينهما إلا بأن اليد حاملة للروح، والسيف ليس كذلك، وهذا لا يصلح وحده سببًا لإعادة اليد بذاتها وإحراقها دون إعادة السيف وإحراقه؛ لأن ذلك الحمل غير اختياري، فالحق أن العذاب على النفس الحساسة بأي بدن حلت وفي أي جلد كانت، وكذا يقال في النعيم، ويؤيد هذا أن مِنْ أهل النار مَنْ يملأ زاوية من زوايا جهنم (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015