اعلم أن هذا الشرْج (?) غور من العربية بعيد ومذهب نازح فسيح، قد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثورًا ومنظومًا، كتأنيث المذكر، وتذكير المؤنث، وتصور معنى الواحد في الجماعة، والجماعة في الواحد، وفي حمل الثاني على لفظ قد يكون عليه الأول أصلا كان ذلك اللفظ أو فرعا وغير ذلك. . .
والحمل على المعنى واسع في هذه اللغة جدًّا. . . ومن ذلك قوله:
بدا لي أنى لستُ مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا (?)
لأن هذا موضع يحسن فيه لست بمدرك ما مضى ومنه قوله سبحانه: (فأصدَّقَ وأكنْ)، وقوله:
فأبلوني بليَّتكم لعَلِّى ... أصالحكم وأستدرجْ نَويّا (?)
حتى كأنه قال: أصالحْكم وأستدرجْ نويا. (?)
الوجه الثالث: توجيه جزم الفعل عطفا على المنصوب.
قال سيبويه: وسألت الخيل عن قوله -عز وجل-: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} فقال: هذا كقول زهير:
بدا لي أنّي لست مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئًا إذا كان جائيا
فإنَّما جرّوا هذا؛ لأنَّ الأوّل قد يدخله الباء (وهو قوله: مدرك)، فجاءوا بالثاني (وهو