3 - من يحتج بكلامه ومن لا يحتج.

باب في ترك الأخذ عن أهل المدر كما أخذ عن أهل الوبر:

عِلَّةُ امتناع ذلك ما عَرَضَ للغات الحاضرة وأهل المدر من الاختلال والفساد والخطل. ولو علم أن أهل مدينة باقون على فصاحتهم، ولم يعترض شيء من الفساد للغتهم، لوجب الأخذ عنهم كما يؤخذ عن أهل الوبر. (?)

باب في الفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعدًا:

ومن ذلك قولهم: بغداد، وبغدان. وقالوا أيضًا: مغدان.

وقالوا للحَيَّة: أَيْم، وأَيْن. وأَعْصُر، ويَعْصُر: أبو باهلة، . . .، وما اجتمعت فيه لغتان أو ثلاث أكثر من أن يحاط به. فإذا ورد شيء من ذلك -كأن يجتمع في لغة رجل واحد لغتان فصيحتان- فينبغي أن تتأمل حال كلامه، فإن كانت اللفظتان في كلامه متساويتين في الاستعمال، كثرتهما واحدة، فإن أخلق الأمر به أن تكون قبيلته تواضعت في ذلك المعنى على ذينك اللفظين؛ لأن العرب قد تفعل ذلك للحاجة إليه في أوزان أشعارها، وسعة تصرُّف أقوالها. (?)

باب اختلاف اللغات وكلها حجة:

اعلم أن سعة القياس تبيح لهم ذلك، ولا تحظره عليهم؛ ألا ترى أن لغة التميميين في ترك إعمال ما يقبلها القياس، ولغة الحجازيين في إعمالها كذلك؛ لأن لكل واحد من القومين ضربًا من القياس يؤخذ به، ويخلد إلى مثله. وليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها؛ لأنها ليست أحق بذلك من رسيلتها. (?)

لكن غاية مالَكَ في ذلك أن تتخير إحداهما، فتقويها على أختها، وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها، وأشد أنسا بها. فأما رد إحداهما بالأخرى فلا. أولا ترى إلى قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015