أما أنها أفتت برضاع الكبير لتكون رخصة في دخول الناس عليها كما يفترون عليها فهذا أمر فيه خلل كبير، وهو مردود، وسيرتها تشهد بذلك، وإليك بعض الأمثلة:
1 - التزامها بحجابها حتى في دعوتها إلى اللَّه وتبليغها سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للصحابة، ولو اتخذت فتوى رضاع الكبير ذريعة لدخول الناس عليها ما التزمت حجابها.
2 - في حديث مسلم أنها قالت "أَنَّ أَفْلَحَ -أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ- جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الْحِجَابُ قَالَتْ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخْبَرْتُهُ بالذي صَنَعْتُ فأمرني أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ". وفي رواية قال -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَا تحتجبي مِنْهُ فإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". (?)
3 - عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية عن عائشة قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضل في ثيابب في بيتي حتى دفن عمر بن الخطاب فيه، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جدارًا فتفضلت بعد. قالا: ووصفت لنا قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقبر أبي بكر وقبر عمر، وهذه القبور في سهوة بيت عائشة. (?)
قلت: سبحان اللَّه عائشة تلتزم ثيابها من ميت مقبور وتستحي منه، ما أجل حياءها! وما أعظم أخلاقها! إنها أم المؤمنين، عائشة رضي اللَّه عنها.
ثانيًا: الجواب عن شبهة رضاع الكبير من وجوه
الوجه الأول: أن الرضاع ثبت في الأصل للطفل دون الحولين.
قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (البقرة: من الآية 233)
وإليك أقوال المفسرين وأهل العلم في الآية: