وكتبه ورسله وهو الإيمان بأنهم رسل الله، وسواء رؤيت أبدانهم أو لم تر فقد يراهم من لم يؤمن برسالتهم وقد يؤمن برسالتهم من لم يرهم.
والمقصود الإيمان برسالتهم لا بنفس صورهم حتى يقول القائل: آمنا بنبي ولم نره وقد يعلم من دلائل نبوته وأعلام رسالته من لم يره أكثر مما يعلمها من رآه (?).
الوجه الرابع: شهادة الكتاب المقدس على نفسه بالتحريف.
إليك أيها القارئ الشهادة بتحريف الكتاب المقدس من الكتاب المقدس نفسه:
أولًا: أن كاتب المزمور (56: 4) ينسب إلى داود - عليه السلام - بأن أعداءه طوال اليوم يحرفون كلامه: مَاذَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ بِي الْبَشَرُ؟ يُحَرِّفُ أَعْدَائِي طَوَال الْيَوْمِ كَلَامِي.
ثانيًا: لقد اعترف كاتب سفر إرميا (23: 13، 15، 16) بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمدًا: فِي أَوْسَاطِ أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ شَهِدْتُ أُمُورًا كَرِيهَةً، إِذْ تَنبَّأُوا بِاسْمِ الْبَعْلِ، وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَفِي أَوْسَاطِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ أُمُورًا مَهُولَةً: يَرْتَكِبُونَ الْفِسْقَ، وَيَسْلُكُونَ فِي الأَكَاذِيبِ، يُشَدِّدُونَ أَيْدِي فَاعِلي الإِثْمِ لِئَلَّا يَتُوبَ أَحَدٌ عَنْ شَرِّهِ ... لأَنَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ شَاعَ الْكُفْرُ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ الأَرْضِ.
ثالثًا: لقد اعترف كاتب سفر إرميا بأن اليهود حرفوا كلمة الله؛ لذلك فهو ينسب لإرميا في (23: 36) توبيخ النبي إرميا لليهود: أما وحي الرب فلا تذكروه بعد؛ لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلَامَ الإِلَهِ الحيِّ، الرَّبِّ الْقَدِيرِ، إِلِهنَا.
رابعًا: وكاتب سفر الملوك الأول (19: 9) ينسب لإليا النبي حين هرب من سيف اليهود فيقول: وَقَال الرَّبُّ لإِيلِيَّا: "مَاذَا تَفْعَلُ هُنَا يَا إِيلِيَّا؟ " فَأَجَابَ: "غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ الإِلَهِ الْقَدِيرِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَنَكَّرُوا لِعَهْدِكَ وَهَدَمُوا مَذَابِحَكَ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، وَبَقِيتُ وَحْدِي. وَهَا هُمْ يَبْغُونَ قَتْلِي أيضًا.