فعلوا ذلك قالوا: الآن صار نصرانيًا حقًا، فرد اللَّه تعالى ذلك عليهم بأن قال: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي: صبغة اللَّه أحسن صبغة وهي الإسلام، فسمي الدين صبغة استعارة ومجازًا من حيث تظهر أعماله، وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب. (?)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- سَمِعْتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُول: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ". (?)
قال ابن القيم: والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي: معرفة اللَّه ومحبته، وإيثاره على ما سواه. وفطرة عملية وهي: هذه الخصال. فالأولى: تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن. وكل منهما تمد الأخرى وتقويها، وكان رأس فطرة البدن الختان (?).
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قَالَ: أنا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ. قَالَ: وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ" (?).
وهذه الأحاديث وإن كانت عامة أو أنها تتحدث عن الرجال فالحكم يشمل النساء أيضًا لأنه لم يرد دليل يخصصه للرجال فقط ومعلوم قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ". (?)
ومع هذا فقد جاءت الأحاديث تدل على مشروعية ختان الإناث منها:
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ، وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ. قَالَ. قَالَ أَبُو مُوسَى: فَأنا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ أَوْ يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ،