منه ممن يحبون اللَّه ويحبهم اللَّه تعالى رحماء بالمؤمنين أشداء على الكافرين يجاهدون في سبيل اللَّه ولا يخافون لوم من يلوم ولا عتاب من يعتب عليهم، وما إن مات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى ارتد فئات من أجلاف الأعراب ومنعوا الزكاة وقاتلهم أبو بكر الصديق مع الصحابة رضوان اللَّه عليهم حتى أخضعوهم للإسلام وحسن إسلامهم، فكان أبو بكر وأصحابه ممن وصف اللَّه تعالى؛ يحبون اللَّه ويحبهم اللَّه، يجاهدون في سبيله، ولا يخافون لومة لائم، وقد روى بل وصح "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما نزلت هذه الآية وتلاها -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو موسى الأشعري أمامه فأشار إليه وقال قوم هذا" (?) وفعلًا بعد وفاة الرسول جاء الأشعريون وظهرت الآية وتمت المعجزة وصدق اللَّه العظيم (?).

وهذه الآية الكريمة تدل على أن اللَّه هيأ للمرتدين من يقاومهم من المؤمنين المجاهدين الذين وصفهم اللَّه تعالى بما وصفهم في الآية مثل: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين، فأنقذوا الإِسلام من هذه الفتنة العظيمة ألا وهي فتنة الردة.

وقد بوب الإمام البخاري باب -حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم- تحت كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، ثم أتى بآيات منها هذه الآية الكريمة، ثم أورد حديثًا فيه "أن عليًا أتى بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس؛ فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا تعذبوا بعذاب اللَّه"، ولقتلتهم لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "من بدل دينه فاقتلوه" (?).

وقال الشوكاني: والمراد بالقوم الذين وعد اللَّه سبحانه بالإتيان بهم؛ هم أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، وجيشه من الصحابة والتابعين الذين قاتل بهم أهل الردة، ثم كل من جاء بعدهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015